الحريات العامة وحقوق الإنسان

الحريات العامة وحقوق الإنسان

القائمة البريدية
تاريخ النشر: 06 أغسطس, 2023

روى سيرته فيلم الموريتاني.. ولد صلاحي يحكي عن معاناته وأحلامه ومحاولات تجنيده

تاريخ النشر: 14 سبتمبر, 2021
محمدو ولد صلاحي: تهديدي باختطاف أمي أصعب من جحيم غوانتانامو (الجزيرة)

محمدو ولد صلاحي: تهديدي باختطاف أمي أصعب من جحيم غوانتانامو (الجزيرة)

كشف السجين السابق في غوانتانامو محمدو ولد صلاحي الذي روى جوانب من سيرته الفيلم الهيليودي “الموريتاني” عن محاولات من قبل الاستخبارات الأميركية لتجنيده، قبل اعتقاله.

كما تحدث في لقاء خاص مع مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان عن جوانب مما قاساه خلال فترة الاعتقال الرهيبة، وعن خواطره وأحلامه وآماله.. وهذه نبذة مختصرة عنه:

 *أمضى ولد صلاحي (52 عاما) نحو 14 عامًا من عمره في سجن خليج غوانتانامو.

*خلال اعتقاله تعرض ولد صلاحي للحرمان من النوم والحبس الانفرادي والضرب والإعدامات الوهمية والإذلال الجنسي وأصناف أخرى من التعذيب.

*ولد صلاحي حاصل شهادة مهندس من ألمانيا في مجال الاتصالات.

*سافر إلى أفغانستان عام 1991 للانضمام للمجاهدين،

*لولد صلاحي ابن عم هو محفوظ ولد الوالد الذي كان مستشارًا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

*انتقل ولد صلاحي عام 1999 إلى كندا حيث لبث هناك نحو عام.

*قبض على ولد صلاحي بعد ثلاثة أشهر من هجمات الـ11 من سبتمبر 2001، واحتُجز في الأردن وأفغانستان قبل أن ينقل إلى خليج غوانتانامو بكوبا في 5 أغسطس/آب 2002.

*في عام 2010، أمر قاضٍ فيدرالي أميركي بالإفراج عنه ولكن تم استئناف الحكم، ليبرأ ولد صلاحي في نهاية المطاف ويطلق سراحه في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016 ويعاد إلى موريتانيا.

*في فبراير/شباط 2020، بدأ عرض فيلم “الموريتاني”، الذي يحكي قصة اعتقال ولد صلاحي في غوانتانامو، في دور السينما العالمية.

وفيما يلي حوار أجرته ميا سوارت مع ولد صلاحي.

سوارت: يوصف غوانتانامو بأنه “ثقب أسود قانوني”، هل تعتقد أنه كانت هناك أي محاولة حقيقية لإثبات ارتكاب المعتقلين للجرائم المنسوبة إليهم أو تأكيد براءتهم؟ أم أن ما خضعوا له كان مجرد محاولة لاستخراج معلومات؟

ولد صلاحي: هذا سؤال عما كان يفكر فيه الآخرون وليس بمقدوري الاطلاع على ذلك، أما في حالتي، فوكالة المخابرات المركزية الأميركية لم تتهمني قط بارتكاب أي جرم، ولدي ذلك مكتوبا حبرا على ورق منذ عام 2005، ليس لدى وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي والاستخبارات العسكرية أي دليل ضدي، كما توصل العقيد كراوتش (جنرال بالجيش الأميركي) إلى استنتاج عام 2003 بأنه لم يتمكن من العثور على أي دليل ضدي.

كنت أول من حكم عليه بعقوبة الإعدام، قبل أن أبرأ بواسطة جهاز كشف الكذب.

عذبوني وقالوا إن علي كتابة اعتراف، وعندما وافقت على الاعتراف لجعلهم يتوقفون عن تعذيبي، أملوا علي ما يجب أن أكتبه في الاعتراف، ثم طلبوا مني إجراء اختبار لكشف الكذب.

العديد من السجناء الآخرين اعتقلوا بسبب المكافأة التي رصدت لمن يساعد في القبض عليهم، إذ كانت الولايات المتحدة قد وعدت من يعتقل أيا من مقاتلي تنظيم القاعدة بالحصول على 5000 دولار أميركي.

سوارت: إذا كانت وكالة المخابرات المركزية قالت في عام 2005 إنها لا تملك شيئًا بشأنك، فلماذا استغرق الأمر حتى عام 2010 لبدء المحكمة الابتدائية البت في القضية؟

ولد صلاحي: اعتبروني شاهدًا ولم يكونوا يريدون مني أن أتحدث، لا ينبغي أن يكون تأخير القضية في أيدي الحكومة، فالحق في محاكمة سريعة هو أيضا في دستور الولايات المتحدة. إن امتلاك الحكومة لسلطة تأخير العملية القضائية هو في حد ذاته أمر غير ديمقراطي بالفعل.

سوارت: إذن خلال القضية ستظهر بعض المعلومات التي ستنعكس سلبًا على حكومة الولايات المتحدة …

ولد صلاحي: سمعت تعبير “الثقب الأسود” كثيرًا. لكن معظم القضاة قالوا لا، هذا ليس مكانًا ينعدم فيه القانون، هذه هي الولايات المتحدة. في غوانتانامو، إذا آذيت سحلية إغوانا، تغرم بدفع 10 آلاف دولار، وهذا يعني أن القانون الأميركي مطبق في الجزيرة.

سوارت: هذا مثير للسخرية بالطبع، إذ كيف يمكن أن تكون حماية الحيوانات أهم من بعض البشر؟

ولد صلاحي: كان الجميع هناك خاضعين لقانون الولايات المتحدة، بدا الأمر وكأن الولايات المتحدة لم تعد تحب الآباء المؤسسين حقًا واعتقدت أن عليها أن تجرب الديكتاتورية. أنا أعرف الديكتاتورية. لقد نشأت في ظل دكتاتورية. الدول الديمقراطية هي أكثر الدول أمانًا وازدهارًا. الديمقراطية فعالة أما الديكتاتورية فهي فاشلة أنا أحب الشعب الأميركي وأعتقد أنهم يستحقون أفضل، فلديهم دستور عظيم وقيم عظيمة، أستطيع أن أقول هذا على الرغم مما فعلوه بي.

سوارت: أثناء وجودك في غوانتانامو، هل حاول الأميركيون جعلك تغير ولاءاتك أو مواقفك؟

ولد صلاحي: نعم بالطبع. بالفعل في مرحلة مبكرة، عندما كنت لا أزال في موريتانيا، حاولوا ذلك، أرادوا مني العودة إلى كندا والتجسس على المساجد. لكن بعد أن تسببوا لي في كثير من الألم، لم يطلبوا مني العمل معهم مرة أخرى. هؤلاء الناس محترفون للغاية. إنهم أناس أذكياء جدا محترفون للغاية ويعرفون في قرارة أنفسهم أنني لست مؤهلاً تمامًا لتغيير ولاءاتي والعمل معهم، خاصة بعد أن تحملت الكثير من الأذى..

سوارت: ما مدى قوة صلتك مع ابن عمك محفوظ ولد الوالد؟ هل كانت بينكما نقاشات في السياسة؟

ولد صلاحي: كانت مدارسنا مختلفة، كأطفال كنا نحب بعضنا لكننا لم نلعب كثيرًا مع بعضنا بسبب الفارق الجسدي.

غادرت إلى ألمانيا عندما كنت صغيرًا جدًا لا يتجاوز عمري 17 عامًا، وبعد ذلك كان حديثنا عبر الهاتف فقط كما تبادلنا بعض الرسائل القصيرة جدًا.

سوارت: ما الذي دار في رأسك عندما تلقيت مكالمة من هاتف أسامة بن لادن؟ هل أدركت أن المكالمة الهاتفية أجريت من هاتف بن لادن؟

ولد صلاحي: تعلمين أن هذا كان عام 1999، لم يكن هناك عرض لرقم المتصل.. كان ذلك عبر هاتف سلكي ذي قرص دوار، لقد كانت مكالمة خارجية، لم أفكر حتى في أي من ذلك.. فمثل هذا الأمر يخطر على بال الشخص الآن فقط بعد أن حدث ما حدث.

نعم كنت أعلم أنه كان مقربًا من ابن لادن، لكن هذا كان عندما لم يكن أسامة بن لادن ذا شأن يذكر.

سوارت: حاليا في موريتانيا. هل تكافح من أجل الحصول على تأشيرات للدول التي ترغب في السفر إليها؟

ولد صلاحي: فيما يخص الأسفار وضعي أفضل الآن مما كان عليه الحال منذ اختطافي. لقد زرت لندن في أغسطس. في البداية اعتقدت أن ذلك كله كان مجرد كابوس.. كان لدي الكثير من الأحلام المتكررة في السجن، خاصة عندما كنت محتجزًا في الأردن. على الرغم من أن التعذيب لم يكن سيئًا كما هو الحال في خليج غوانتانامو، إلا أن الشعور كان سيئًا للغاية تماما كما كانت الصدمة، لذلك توهمت أن هذا كان كابوسا.

سوارت: شاركت في كتابة رسالة إلى بايدن تطالب فيها بإغلاق معتقل غوانتانامو، حسب رأيك ما السبب الحقيقي وراء استمرار هذا السجن المكلف للغاية؟

ولد صلاحي: عندما وقع أوباما الأمر التنفيذي لإغلاق خليج غوانتانامو، قال كبير ضباط المخابرات وكبير المحققين بول ريستر هناك: “أنا سعيد للغاية لأنني سأرحل”، لكن في الولايات المتحدة، يتمتع الرئيس بسلطة القيام بشيء ما في وقت ما مثل إغلاق معتقل غوانتانامو، لكن يجب أن يكون لديه بعض الشجاعة للقيام بذلك، من وجهة نظرهم، فإن معتقلي غوانتانامو ليسوا سوى ثلة من المسلمين، ولذلك ليس ثمة مكافأة سياسية (تتعلق بنا) سواء بقينا أو متنا، فلا ثمن سياسي لذلك. وعليه فلماذا يقدم أي رئيس على المخاطرة بأي شيء (من أجلنا)، لما ذا يخاطر بخسارة أي سلطة سياسية من أجل إغلاق غوانتانامو؟

أنا لست شخصًا مشهورًا في الولايات المتحدة، وجهي ليس وجها معروفا، ولهجتي ليست معروفة وديني لا يحظى بشعبية، وعندما أتحدث إليهم فإنهم لا يرون في حديثي سوى حديث أي واحد من المجرمين الذين يلاحقونهم.

سوارت: إذن المكاسب السياسية لا تفوق الخسارة السياسية؟ إنها قضية انتهازية، فهذا ليس قرارًا أخلاقيًا.

ولد صلاحي: أكبر ضحية بعد 11 سبتمبر هي سيادة القانون والديمقراطية. ومن المفارقات أن إحدى أول الأشياء التي قالتها الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر هو أن القاعدة هاجمت الولايات المتحدة بسبب قيمها.. وأن هذه الأخيرة لن تتركهم يهزمونها أبدًا.. لقد تخلوا عن حكم القانون.

سوارت: نقترب من الذكرى العشرين لأحداث 11 سبتمبر. ما الذي تعنيه لك أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية؟

ولد صلاحي: أنا لست في وارد الحكم على أي شخص أو أي بلد. لكن ما يسمى بالحرب على الإرهاب لم تجلب السلام.. والجريمة المنظمة هي الآن أكثر بكثير مما كانت عليه قبل الحرب. وقد أصبح المتطرفون أكثر جرأة وأشد تمكنًا من أي وقت مضى.

نحن العرب لدينا دائما علاقة حب وكراهية مع أمريكا.. ويحاول بعضنا الحصول على تأشيرة الولايات المتحدة لأنه يريد تذوق الحلم الأمريكي.. بالنسبة لي، لست ممن يكرهون أي شخص أو يكرهون أي بلد.. أما أفغانستان فلا يسعني إلا أن آمل وأدعو أن يفعلوا فيها الشيء الصحيح.

سوارت: الموقف الذي تتبناه بعدم السعي للانتقام.. وهذا الشعور الذي يدعوك للمصالحة مع خاطفيك رغم أنك مكثت في السجن 14 عامًا، هل استوحيت هذا من حياة نيلسون مانديلا؟

ولد صلاحي: أنا معجب كثيرا بنيلسون مانديلا. لكن، كما تبين لي عندما زرت جنوب إفريقيا، هناك الكثير ممن حاربوا الفصل العنصري، ذهبت إلى زنازينهم، إنهم أناس ماتوا وهم يقاتلون من أجل الحرية.

كما أني أستمد هذا من تربيتي ومن القرآن الكريم الذي يدعو إلى الصفح وسيكون محض نفاق مني إن أنا دافعت عن حقوق الإنسان وسيادة القانون ولم أبدأ بنفسي وبالمصالحة.

دعوت حارسي السابق في غوانتانامو لزيارتي في موريتانيا.. ولا داعي للحرب أو الكراهية.

سوارت: لا يزال هناك الكثير من الجهل بخصوص غوانتانامو. هل أحدث فيلم الموريتاني فرقا؟

ولد صلاحي: نعم بالتأكيد، لقد كان عملا غير مسبوق، فبعد (عرض هذا) الفيلم، وقّع 40 من أعضاء وعضوات الكونغرس الأمريكي على عريضة تطالب بإغلاق سجن غوانتانامو، وكما قلت، لن يدفع أحد ثمنا سياسيا إذا آذاني أنا الأمريكيون، لكن إذا آذيت أنت أميركيًا، فسيتعين عليك دفع ثمن سياسي باهظ، أما إذا آذيت موريتانياً أو سودانياً فليس لذلك أي ثمن سياسي.

سوارت: أحد أجزاء الفيلم الذي وجدته قوياً للغاية هو عندما أحلت إلى المحكمة للمرة الأولى وقلت إنك خائف للغاية من دخول قاعة المحكمة. ألا ترى أن القانون كان إلى جانبك؟

ولد صلاحي: نعم كنت خائفا لأنني كنت مدركا تماما أن فرصة تبرئتي ضئيلة جدا في محكمة أمريكية لأن الفرضية الوحيدة هي أن يحكم عليك من قبل هيئة محلفين من أقرانك.. وليس لدي أقران في ذلك النظام.. لا يمكن لأحد أن يفهمني.. وكل ما فعلته في حياتي سيكون غريبًا بالنسبة لأي أميركي لأنني من ثقافة مختلفة، لذلك كنت خائفا لأنني كنت أعرف أني لست ذاك المرشح الجيد للتبرئة بسبب الطريقة التي كنت أتحدث بها والبلد الذي أتيت منه، فالفلسفة في مثل هذه المحكمة لم تكن: “هل فعلت ذلك أم لا؟” وإنما كان السؤال المطروح هو: “هل أنت ذاك الشخص الذي نعتبره جيدًا”.

سوارت: ما هي أحلامك في المستقبل وكيف ستتحدث مع ابنك عما حدث لك؟

ولد صلاحي: بصراحة، لم أفكر قط في هذه الأسئلة وسأنتظر حتى يصبح ابني جاهزًا لها. سيكون من جيل مختلف وستكون لديه أدوات مختلفة لا أعرفها أنا ولا أنت للحصول على المعلومة، أنا فقط أحاول الاستمتاع بالحياة، وثمة أشياء جيدة كثيرة في الطريق أمامي.

  • الأكـثر مشاهـدة
  • الـشائـع