تنص المادة 24 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب بأنه “على أطراف النزاع أن تتخذ التدابير الضرورية لضمان عدم إهمال الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر الذين تيتموا أو افترقوا عن عائلاتهم بسبب الحرب…”.
وتلزم المادة 50 من نفس الاتفاقية دولة الاحتلال بـ “ألا تعطل تطبيق أي تدابير تفضيلية فيما يتعلق بالتغذية والرعاية الطبية والوقاية من آثار الحرب تكون قد اتخذت قبل الاحتلال لفائدة الأطفال دون الخامسة عشرة والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة”.
يوفر البروتوكول الإضافي الأول خاصة المادة 76 الحماية للنساء وتوجب “أن تكون النساء موضع احترام خاصة وأن يتمتعن بالحماية، وتعطى الأولوية القصوى للحوامل والمرضعات اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن.
كذلك الأمر بالنسبة للأطفال، توفر المادة 77 و78 الحماية للأطفال من خلال الاحترام وتأمين العناية والعون الذي يحتاجونه، وإذا تم إجلاؤهم فلا يتم التعرض لهم حين إجلائهم ولا تعريضهم للخطر، وتتولى السلطات التي قامت بإجلائهم إعداد بطاقة لكل طفل للتعرف عليه إذا فقد.
وأقرت الأمم المتحدة في حزيران/ يونيو 2021 اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والمعنية بحماية حقوقهم في النزاعات المسلحة وحالات الطوارئ الإنسانية، وذلك باتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حمايتهم وسلامتهم.
ونصت القاعدة 138 من القانون الدولي الإنساني العرفي على أن يتمتع كبار السن والمعوقون والعجزة المتأثرون بنزاع مسلح باحترام خاص وحماية خاصة.
النساء والأطفال
أفادت تقارير المنظمات الإنسانية والوكالات الإعلامية حتى اليوم الأول من الهدنة الإنسانية بأن ما يقرب من 70% من ضحايا القصف الإسرائيلي على قطاع غزة هم من النساء والأطفال، وازداد الأمر حدة بعد انتهاء الهدنة مع بقاء ذات النسبة باستهداف النساء والأطفال في منازلهم. وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة بأن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة خلال الأسابيع الماضية يفوق أي رقم سجلته تقاريره السنوية عن الأطفال والصراعات المسلحة خلال السنوات السبع الماضية.
نبيلة نوفل أحد ضحايا الحرب الأوائل، ولدت يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وقتلت في اليوم السابع من الحرب على قطاع غزة لتصبح أصغر شهيدة في غزة حينها. مؤخراً، حينما نُشرت صورة جثمان الرضيع ذي الشهرين الذي يحمله جده، تم الادعاء بأنه ليس سوى دمية.
لا تقتصر الحرب على قتل الأطفال وحسب، إنما هناك ما يعانيه هؤلاء بعد بقائهم على قيد الحياة وحدهم دون أب أو أم. وأصبحت جملة “طفل جريح، لا أسرة له على قيد الحياة” على لسان المسعفين حين انتشال الأطفال من تحت الركام أو إنقاذهم من القصف. ليصح كثير منهم مجهولي الهوية خاصة إذا كانوا صغار السن. وذكرت منظمة اليونيسف بأن تسجيل الأطفال اليتامى عملية بالغة الصعوبة بسبب ظروف القصف وصعوبة التواصل مع الكوادر الطبية. علاوة على ما يعانونه من حالة نفسية سيئة وصدمات أو معاناة بعضهم الأبدية مع الإعاقة.
كذلك الأمر بالنسبة للنساء، لم يكن القتل وحده ما يحدق بهن، فهناك معاناة الانفصال عن العائلة أو الأطفال جراء النزوح. الأمر الآخر، هو صعوبة الولادة في ظل الحرب. واليوم فقدت الكثيرات احتياجاتهن النسائية الأساسية، حيث فقدن الفوط الصحية وتم استبدالها بالأقمشة وغيرها..
الخدج
ولم يستثن القصف الإسرائيلي الأطفال الخدج أو حديثي الولادة، وقد زادت معاناتهم نتيجة إخراجهم من الحاضنات جراء انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود، مع وفاة 11 منهم لقلة الرعاية الطبية. وحسب مدير المستشفيات في قطاع غزة فإن المياه التي قدمت لهم كانت ملوثة، مما سبب لهم حالات من الإسهال والقيء ونقص الوزن وتسمم الدم، أما الباقي منهم والبالغ عددهم 28 فتم تأمين إجلائهم إلى جنوب القطاع في رفح لنقلهم إلى مصر بعد ذلك، مع العلم أنهم مجهولو الهوية ولم يتم التعرف عليهم. حتى إن مدير مستشفى الشفاء قال إن الأطفال الخدج يتم لفّهم ببطانيات الألمنيوم ووضعهم بجوار الماء الساخن في محاولة يائسة لإبقائهم على قيد الحياة وذلك بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء.
ذوو الإعاقة
تسبب القصف الإسرائيلي بخسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين ذوي الإعاقة، ويتضاعف الأمر عليهم لكونهم يواجهون صعوبات في الانتقال أو الفرار من الهجمات، وتمثل ذلك بالأمر الذي أصدرته إسرائيل بإخلاء شمال القطاع والتوجه جنوبا، بعدم توفير الظروف المناسبة لتسهيل الإخلاء والمسافة الطويلة التي شقت عليهم.
لا يقتصر الأمر على من لديهم إعاقة في الحركة بل أيضاً على الصم والبكم والمكفوفين وذوي الإعاقات الذهنية والعقلية، لكونهم إما لا يسمعون القصف أو لا يدركون ما يحصل. [1] كذلك، زاد الأمر صعوبة بتزايد عدد الأشخاص الذين تضرروا جسدياً بفقدان بعض أطرافهم جراء القصف الإسرائيلي، إذ تضاعف الضرر جسدياً ونفسياً. وأفاد الدكتور غسان أبو ستة بشيوع حالات البتر وأحصى منها 700 إلى 900 طفل.
المسنون
في قطاع غزة لا يتنازل كبار السن عن منازلهم وكثير منهم رفضوا النزوح والإخلاء حتى إنهم فضلوا الموت على التخلي عن الخروج من شمال القطاع، مستذكرين بذلك ما حصل في نكبة عام 1948، بأن التهجير صار مرتين. في هذه الحرب استهدف الاحتلال الإسرائيلي مركز الوفاء لرعاية المسنين في مدينة الزهراء الجنوبي الذي يرعى أكثر من 40 مسنا ومسنة، إلى جانب نفاد الأدوية اللازمة لهم. يضاف إلى ذلك عدم قدرة الكثير منهم على الحركة والهرب من القصف لكبر سنهم ومرضهم أو اعتمادهم على كراس متحركة.
————–
[1] مشاهدة: أقوى من الكلام.. الصم في قطاع غزة، فلسطين تحت المجهر، الجزيرة، 24 سبتمبر 2014. https://www.youtube.com/watch?v=ijK7L3lXCz0
- الأكـثر مشاهـدة
- الـشائـع