افتتح اليوم بالعاصمة القطرية الدوحة مؤتمر “التغيرات المناخية وحقوق الإنسان” الذي تنظمه اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر بالتعاون مع الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

وفي كلمة بالمناسبة قالت رئيسة اللجنة، رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، مريم بنت عبد الله العطية إن العالم أضحى يلمس التبعات المدمرة للكارثة المناخية على النظام البيئي ويرى “آثارها السلبية على كافة مناحي حياتنا وفي جميع أجزاء المعمورة”، مشيرة في ذات الصدد إلى “الفيضانات والأعاصير والمجاعات إلى احتضار أنهار العالم”، قائلة إنها كلها ظواهر تقرع جرس إنذار تغيير المناخ”.

وقالت المسؤولة القطرية إن أعمال المؤتمر تسعى إلى “سلام مع الطبيعة يقوم على نهج حقوق الإنسان من أجل إعمار الأرض واحترام نواميسها التي حفظت توازنها وعافيتها”.

ونبهت العطية إلى أن “النشط الإنساني هو الذي يفقد الطبيعة توازنها وأن الإنسان هو المكلف المسؤول عن عمارة الأرض بدلا من تدميرها”.

أما الشيخ فالح بن ناصر بن أحمد آل ثاني وزير البيئة والتغير المناخي في قطر فأشار إلى أن قضية التغير المناخي تشكل أولوية كبرى لدولة قطر ولرؤيتها الوطنية 20/30، وقال إن التغير المناخي يؤثر على مجموعة متنوعة من حقوق الإنسان، كالحق في الحياة والحق في الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي والحق في الغذاء والحق في الصحة والسكن والتنمية.

جهود قطرية

وأشار الوزير القطري إلى جهود بلاده عالميا في هذا المجال مذكرا بإعلان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال مؤتمر القمة للعمل المناخي في نيويورك خلال سبتمبر 2019 عن مساهمة بمبلغ 100 مليون دولار لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نموا للتعامل مع التغير المناخي والمخاطر الطبيعية والتحديات البيئية، وهي الدول التي ستستضيفها قطر في مؤتمر دولي الشهر القادم.

من جانبه شكر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر على “مبادرتها لتنظيم هذا المؤتمر الذي تمس محاوره حياتنا جميعا”.

وقال تورك في كلمة ألقاها بالنيابة عنه محمد علي النسور، ممثل المفوض السامي، إن التأثيرات السبية للتغيرات المناخية تمثل تحديا كبيرا لمنظومة حقوق الإنسان، وتهديدا مباشرا وفوريا وبعيد المدى للحق في الحياة والحق في المياه والغذاء والحق في الصحة والسكن اللائق والحق في تقرير المصير، مشيرا في ذات الصدد إلى ما أكده مجلس حقوق الإنسان من أن “الحق في البيئة النظيفة والصحية والمستدامة حق من حقوق الإنسان”.

ووفق المسؤول الأممي فإن الاقتصاديات الكبرى مسؤولة عن 80% من تفاقم الأزمة المناخية، كما أن الآثار السلبية للأنشطة الصناعية للاقتصاديات الكبرى امتدت إلى 55 دولة من الأنظمة الاقتصادية الهشة.

أرقام مفزعة

وأورد تقرير “المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في سياق التغييرات المناخية” أرقاما مفزعة منها أن هناك أكثر من 3 مليارات شخص من ضحايا التغييرات المناخية منهم 97 مليون شخص هم ضحايا الكوارث المرتبطة بالتغييرات المناخية في العالم في عام 2019 فقط.

وذكر المسؤول الأممي أن عدد المتأثرين بالفيضانات سيزداد من مليار و200 مليون إلى مليار و600 مليون شخص عام 2050. في حين ستؤثر انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون إلى تقليل كثافة المواد الغذائية مما سيفاقم مشكلة سوء التغذية وتحديدا للأطفال. وما بين الأعوام 2000 إلى 2019 شهدت قارة أفريقيا 134 حالة جفاف أغلبها في شرق أفريقيا.

ووفق المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فإن شخصا يموت كل 48 ثانية في البلدان المتأثرة بالجفاف، كما تم الإبلاغ عن وفاة خمسة ملايين شخص نتيجة لارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من نصفهم أطفال.

من جانبه قال رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدوحة، بيبلوف شودري، إن هناك 31 مليون شخص تأثروا بالتغيرات المناخية في عام 2022 في العالم. “وفي السنتين الماضيتين شاهدنا تأثيرها الكبير على التنمية البشرية”.

أما المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن البيئة، ميشيل فورست، فلفت إلى أن الاحتباس الحراري ومعالجة التغيرات المناخية “لا يمكن معالجة قضاياها دون تغيير نموذجنا في العمل.. يجب أن نتبنى حقوق الإنسان في معالجتنا لهذه القضية وخاصة حماية السكان الأصليين”، مشيرا إلى الأرقام المتصاعدة لقتل المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية كما رصدتها منظمة غلوبل ويتنس.

وينعقد مؤتمر “التغيرات المناخية وحقوق الإنسان” بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وجامعة الدول العربية، والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ويستمر يومي 21 و22 فبراير الجاري.

ويشارك المؤتمر أكثر من 300 ممثل لدول ومنظمات دولية ومراكز فكر وجامعات ومؤسسات وطنية لحقوق الإنسان ومنظمات مجتمع مدني وخبراء دوليين.