وليد دقَّة، منظر وكاتب وأديب، وهو سادس أقدم أسير فلسطيني، أطلق عليه في فترة ما وصف “عميد الأسرى”، وسمي “جنرال الصمود”، وهو مصاب بمرض عضال يتحداه بالرسم والكلمات.
أنهى حكمه الأول في مارس/آذار 2023، وتمت معاقبته بعامين إضافيين. يقاوم الإهمال الطبي بعد تشخيصه بمرض السرطان، وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنه، رغم مطالبات مؤسسات حقوقية بإطلاق سراحه.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان اليوم، إن دقة يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تاريخ عملية طوفان الأقصى، للتعذيب والإهانة والحرمان من الزيارات العائلية ويواجه المزيد من الإهمال الطبي.
وأضافت أنه خلال هذه الفترة تم نقله إلى المستشفى مرتين بسبب تدهور حالته الصحية.
يُعد وليد دقة من أبرز الأسرى المنظرين، وصدرت له عدة مؤلفات، أبرزها “صهر الوعي” و”الزمن الموازي” ورواية “حكاية سرّ الزيت”، التي نالت جوائز محلية وعربية.
وقد سمى نفسه “رجل الكهف” الذي ينتمي إلى عصر انتهى، لأنه أتمّ نحو ثلثي عُمره في السجن، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه أكثر من مرة.
أكمل دراسته في المعتقل وحصل على الماجستير، ومارس الكتابة داخل السجن ليقاوم النسيان ويورّث قضيته وأفكاره.
ولد وليد نمر أسعد دقَّة في الأول من 18 يوليو/تموز 1961، في بلدة باقة الغربية، التي كانت تابعة لقضاء طولكرم قبل النكبة عام 1948، ثم أصبحت تابعة لقضاء حيفا في إسرائيل، بعد أن شُطرت عن باقة “الشرقية” إثر توقيع اتفاقية رودوس عام 1949.
اعتقل وليد في سن الـ25 عاما، وتزوج من الإعلامية سناء سلامة، بعد أن انتزع زفافا لمدة 3 ساعات داخل أروقة سجون الاحتلال عام 1999، وكان الأشهر والوحيد في تاريخ الحركة الأسيرة.
ناضل مع زوجته 12 عاما لنيل قرار يسمح لهما بالإنجاب، قبل أن يتمكن من “تحرير نطفة” اخترقت جدران السجن عام 2019. لتخرج طفلته إلى الوجود في الثالث من فبراير/شباط 2020 باسم “ميلاد وليد دقة”. وقد أصبح أبا وهو في سن 57 عاما، وأصبحت زوجته سناء أما في عمر 50 عاما، بعد نضال طويل أمام المحاكم لتسجيلها واستخراج وثائق ثبوتية لها.
يتقن وليد اللغة العربية، إلى جانب العبرية التي يصفها بأنها “لغة زوجة الأب”، التي كادت تتغلب على لغته الأم. وكان “أبو ميلاد” يمضي وقته في الدراسة والقراءة والرسم، ويحافظ على وتيرة معينة في الكتابة داخل سجنه، قبل أن يتدهور وضعه الصحي.
لجأ دقّة للرسم عندما أفقدته أدويته التركيز على القراءة والكتابة، وقال إن “الرسم وسيلة ممتازة لإشغال العقل بعيدا عن المرض حتى لا تنهار الروح”.
سياسيا
انضم وليد إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1983، وانتسب إلى خلية عسكرية كانت مهمتها العمل على اختطاف عسكريين بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين وعرب معتقلين في السجون الإسرائيلية.
عمل وليد في جهاز عسكري سري يعمل في الداخل المحتل، مدة عامين، قبل أن تعتقله سلطات الاحتلال، وتتهمه مع الشهيد إبراهيم الراعي ورشدي أبو مخ وإبراهيم بيادسة، بقتل الجندي موشي تمام.
من داخل معتقله، صار عضوا في حزب التجمع الوطني الديمقراطي عقب تأسيسه عام 1995، وهو حزب فلسطيني في الداخل المحتل، وانتخب غيابيا في لجنته المركزية.
الأديب الحر
قضى وليد ما يقرب من ثلثي حياته في السجن، لكنه حرر نفسه من خلال الكتابة وتحصيله العلمي والأكاديمي داخل المعتقل، إذ يقول “لا أكتب إلا لأني أريد الصمود داخل الأسر”.
فالكتابة بالنسبة له، عملية تسلل خارج الزنزانة يحاول أن يمارسها يوميا، ويقول “هي نفقي الذي أحفره تحت أسواري حتى أبقى على صلة مع الحياة”.
سرطان نادر
شُخّص وليد، في 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، بمرض التليف النقوي، وهو نوع نادر من سرطان نخاع العظم الذي تطور عن سرطان الدم (اللوكيميا) الذي شخص به عام 2015.
- الأكـثر مشاهـدة
- الـشائـع