الحريات العامة وحقوق الإنسان

الحريات العامة وحقوق الإنسان

القائمة البريدية
تاريخ النشر: 06 أغسطس, 2023

نظام الأسد.. إرث طويل من التعذيب والانتهاكات الحقوقية في سوريا

تاريخ النشر: 13 يناير, 2025
العفو الدولية: نظام الأسد عرض السوريين إلى انتهاكات إنسانية لا توصف (رويترز)

العفو الدولية: نظام الأسد عرض السوريين إلى انتهاكات إنسانية لا توصف (رويترز)

في الساعات الأولى من صباح يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، شنت فصائل المعارضة السورية، عملية عسكرية ضد القوات الحكومية السورية وحلفائها، عقب مواجهات عنيفة شهدتها مناطق الاشتباك في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي.

وعلى إثر تغلغل فصائل المعارضة وسيطرتها على العديد من المدن والمناطق السورية، تفاجأ السوريون بفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول، وإعلان المعارضة إسقاطها للنظام في البلاد بعد عقود طويلة من الحكم.

وكشف سقوط النظام في سوريا اللثام عن سجل طويل و”مخيف” من الانتهاكات الحقوقية والإنسانية التي ارتكبها نظام عائلة الأسد، خصوصا تلك التي ارتبطت بالثورة السورية سنة 2011، وفق منظمات حقوقية.

وقام النظام السابق في سوريا بقمع قوي ودام للثورة السلمية التي انطلقت ضمن سلسلة الاحتجاجات التي سميت ب “الربيع العربي”. ومنذ سنة 2012، وثقت منظمات حقوقية منها هيومن رايتس ووتش “استعمال النظام السابق أساليب الاحتجاز التعسفي والتعذيب الممنهج وسوء المعاملة ضد معارضيه، وتم الكشف عن عشرات مراكز الاعتقال والاحتجاز التي تديرها أجهزة المخابرات السورية والتي تستخدم فيها أبشع أنواع ووسائل التعذيب”.

وخلف النظام المخلوع مشهدا حقوقيا متأزما بعد أن تم اقتحام السجون ومراكز الاحتجاز من طرف عناصر المعارضة للإفراج عن المعتقلين بداخلها، مما كشف عن انتهاكات حقوقية جسيمة قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وفق المنظمات الإنسانية.

وقالت منظمة العفو الدولية إنه “في ظل حكم بشار الأسد، وقبله والده حافظ الأسد، تعرض السوريون لمجموعة مروعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي تسببت في معاناة إنسانية لا توصف على نطاق واسع، وشمل ذلك الهجمات بالأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة وجرائم الحرب الأخرى، فضلاً عن القتل والتعذيب والاختفاء القسري والإبادة التي ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية”.

من جهة أخرى، أدى سقوط نظام الأسد في سوريا إلى انفراجة أمام النازحين واللاجئين السوريين الذين شردتهم الحرب الأهلية التي دامت لأكثر من 14 سنة في البلاد. وعاد بالفعل آلاف اللاجئين السوريين إلى البلاد بعد إعلان إسقاط النظام خصوصا من لبنان وتركيا، فيما طالب المجتمع الدولي البلدان الأخرى المستضيفة للاجئين السوريين الانتظار إلى حين ظهور ملامح الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.

العفو الدولية: عشرات آلاف السوريين تم اعتقالهم بشكل تعسفي منذ عام 2012 (رويترز)

قبل سقوط النظام.. مسار حقوقي “مخيف”

بحلول الأول من مارس/ آذار2012، كانت منظمة العفو الدولية قد “استلمت قائمة بأسماء ما يزيد على 6500 شخص زُعم مقتلهم منذ أواسط مارس/آذار من عام 2011؛ إضافة إلى جرح عدد أكبر من ذلك بكثير”.

ووفق تقرير المنظمة الصادر في 14 مارس/آذار 2012، تحت عنوان “أردت أن أموت: ضحايا التعذيب في سوريا يتحدثون عن محنتهم”، يعتقد بأن “عشرات الآلاف قد اعتقلوا، حيث احتجز غالبيتهم بشكل تعسفي، وبمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة من الزمن، وتعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب الإساءة، واحتجز الكثير منهم في ظل ظروف تكاد ترقى إلى مصاف ظروف الاختفاء القسري”.

وأضافت العدل الدولية في التقرير أن “أعداد حالات الوفيات في الحجز قد ارتفعت بشكل كبير جدا من أربع أو خمس حالات في السنة على مدار العقد 2000-2010 حسب ما كان يرد من تقارير، لتصل إلى 276 حالة وردت تقارير بشأنها إلى المنظمة منذ مارس/ آذار 2011”.

وقالت المنظمة في التقرير إنها اطلعت على أدلة “مخيفة” من مراكز الاحتجاز والاعتقال في سوريا آنذاك، تحتوي على “تشكيلة واسعة من صنوف التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة.”

وتحدث كريم، أحد ضحايا التعذيب في السجون السورية، للمنظمة، عن “الضرب المبرح الذي كان يتعرض له هو وآخرين غيره كل ليلة أثناء احتجازه 25 يوما لدى الكتيبة 138 التابعة للجيش بدرعا خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2012”.

وقال كريم للمنظمة: “لقد رأيت بأم عيني أضلاع أحد المحتجزين تُكسر أمامي خلال إحدى تلك الليالي التي تخللتها جلسات الضرب المبرح، وكسر ظهر أحدهم غير أنهم لم يقوموا بإحالته إلى المستشفى لتلقي العالج. وتعرض أحد الشباب من مدينة حمص للضرب بالأنابيب المعدنية خلال تلك الجلسات؛ فكرست عنقه ُوتوفي من فوره. ولا أعلم ماذا فعلوا بجثته”.

وفي 3 يوليو/تموز من نفس العام، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا من 81 صفحة تحت عنوان “أرخبيل التعذيب: الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري في السجون السرية في سوريا منذ مارس/آذار 2011″، وتضمن التقرير خرائط تحدد أماكن مراكز الاحتجاز، وروايات مصورة من المعتقلين السابقين، ورسومات توضيحية لأساليب التعذيب التي وصفها عدد كبير من الأشخاص الذين شهدوا أو تعرضوا للتعذيب في هذه المراكز.

ووثقت المنظمة في التقرير “استخدام المحققين والحراس والضباط في العديد من السجون السورية “مجموعة واسعة من أساليب التعذيب، بما في ذلك الضرب المطول، غالبًا بأشياء مثل الهراوات والكابلات، واحتجاز المعتقلين في أوضاع مؤلمة مجهدة لفترات طويلة من الزمن، واستخدام الكهرباء، والحرق بالحامض، والاعتداء الجنسي والإذلال، وسحب الأظافر، والإعدام الوهمي”.

وفي التقرير، وصف أحد المعتقلين البالغ من العمر 31 عاماً، والذي اعتقل في محافظة إدلب في يونيو/حزيران 2012، لـ هيومن رايتس ووتش كيف عذبته أجهزة المخابرات في سجن إدلب المركزي، وقال: “أجبروني على خلع ملابسي. ثم بدأوا في الضغط على أصابعي بالكماشة. ووضعوا دبابيس في أصابعي وصدري وأذني. ولم يُسمح لي بإخراجها إلا إذا تحدثت. وكانت الدبابيس في الأذنين هي الأكثر إيلامًا. واستخدموا سلكين متصلين ببطارية سيارة لإعطائي صدمات كهربائية. واستخدموا مسدسات الصعق الكهربائي على أعضائي التناسلية مرتين. واعتقدت أنني لن أرى عائلتي مرة أخرى. لقد عذبوني بهذه الطريقة ثلاث مرات على مدار ثلاثة أيام”.

ووفق المنظمة، وصف جميع الشهود ظروف الاحتجاز “التي قد تصل في حد ذاتها إلى حد سوء المعاملة، وفي بعض الحالات إلى التعذيب، بالاكتظاظ الشديد، وعدم كفاية الطعام، والحرمان الروتيني من المساعدة الطبية اللازمة”.

وفي 30 آب/أغسطس 2024، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثالث عشر الذي ترصد فيه أشكال الاختفاء القسري وأعداد المختفين في سوريا منذ مارس/آذار 2011.

وقالت الشبكة إن جريمـة الإخفاء القسـري في سوريا “تضمنت سلسـلة مـن الانتهاكات المترابطـة التـي تبـدأ بالاعتقال التعسـفي والاحتجاز غيـر القانونـي للأشخاص والـذي يشـبه إلـى حـد كبيـر عمليـة الاختطاف”.

وأضافت أنه “عـادة مـا يتحـول المعتقـل لمختفٍ قسـرياً بعد اعتقالـه مباشـرة ويمنـع مـن كافـة أشـكال الاتصال مـع العالـم الخارجـي، مـروراً بتعريضه للتعذيـب بشـتى أنواعـه النفســية والجســدية والجنســية والــذي عــادة مــا يبــدأ منــذ اللحظــة الأولى للاعتقال ويبلــغ ذروتــه أثنــاء التحقيــق ويبقـى متواصـلا طـوال مـدة الاحتجاز عبـر إخضـاع المعتقـل لظـروف احتجـاز قاسـية وغيـر إنسـانية، وصولا إلـى المحاكمات الاستثنائية والسرية واللاإنسانية”.

وبحسـب قاعـدة بيانـات الشـبكة السـورية لحقـوق الإنسان فـإن “مـا لا يقـل عـن 157634 شـخصا بينهـم 5274 طفلا و10221 سـيدة (أنثى بالغة)، كانوا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسـري على يد أطراف النزاع فــي ســوريا منــذ آذار/ مارس 2011 حتــى آب/ أغسطس 2024”.

وأكدت الشبكة أن أعداد المختفين قسريا أو قيد الاعتقال على يد النظام السوري هو الأكبر في الفترة المحددة أعلاه، “ب 136614 شخصا بينهم 3698 طفلا و8504 سيدة”.

وذكرت الشبكة في تقريرها، أن “النظـام السـوري تسبب في 85 % مــن إجمالــي حالات الاختفاء القســري”، وأن “هــذا العــدد الهائــل مــن ضحايــا الاختفاء القسـري، يؤكـد علـى أنهـا ممارسـة منهجيـة، ومتكـررة، وترتكـب بشـكل واسـع بحـق عشـرات آلاف المعتقلين وهي بالتالي تشكل جرائم ضد الإنسانية”.

كما سـجلت الشَّـبكة السـورية لحقوق الإنسان، “ما لا يقل عن 1634 شخصا، بينهم 24 طفلاً و21 سـيدة، و16 حالـة مـن الكـوادر الطبيـة، كحالات لمختفيـن تـم تسـجيلهم علـى أنَّهـم متوفـون فـي دوائـر السـجل المدنـي، وذلـك منـذ مطلـع عـام 2018 حتـى آب/ 2024، ولـم يذكر سـبب الوفـاة، ولـم يسـلم النظـام الجثـث للأهالي، ولـم يعلـن عـن الوفـاة وقـت حدوثهـا”.

وأوضحت الشبكة عبر رسومات بيانية أن “عام 2012 كان الأسوأ من حيث حصيلة المختفين قسرا، يليه عام 2013 ثم 2011 ثم 2014”.

منظمات: نظام الأسد أصدر أحكاما جماعية بالإعدام في حق آلاف المختفين قسرا (رويترز)

بعد سقوط النظام.. قتلى في السجون ومختفون بالآلاف ومقابر جماعية

إلى حدود يوم الخميس 2 يناير/ كانون الأول 2024، تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من الحصول على وثائق جديدة “تثبت مقتل 450 مواطناً في سجون النظام السابق نتيجة التعذيب والإهمال الطبي، ليرتفع عدد الذين قتلوا في سجون النظام منذ انطلاق الثورة السورية، إلى أكثر من 65,275 مدني، ممن وثقهم المرصد السوري بالأسماء، وهم: 64,858 رجلاً وشاباً و349 طفلاً دون سن الثامنة عشر و68 سيدة”.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن “هذه الوثائق تشكل دليلاً على حجم الوحشية والانتهاكات المروعة التي تعرض لها المعتقلون في الأقبية الأمنية”.

وأضاف أن “أكثر من 105 آلاف فارقوا الحياة وتوفوا في المعتقلات، من ضمنهم أكثر من 83% جرى تصفيتهم وقتلهم داخل هذه المعتقلات في الفترة الواقعة ما بين شهر أيار/مايو 2013 وشهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015”.

وحول المختفين قسريا، أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في 28 ديسمبر/ كانون الأول، بياناً جديداً يؤكد أن ما لا يقل عن 112,414 شخصاً لا يزالون مختفين قسراً على يد نظام الأسد، على الرغم من الإفراج عن آلاف المعتقلين في الأسابيع الأخيرة، قدروا بنحو 24,200.

وقالت الشبكة إنه ورغم الإفراج عن آلاف المعتقلين، فإن الغالبية العظمى من المختفين قسراً لقوا حتفهم تحت التعذيب، أو في ظروف احتجاز غير إنسانية، أو من خلال الإعدام الميداني”.

واستندت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على مجموعة من الأدلة، وقالت إن “نظام الأسد منذ عام 2018، سجل آلاف المختفين قسرا على أنهم متوفون دون تسليم جثامينهم أو إبلاغ عائلاتهم بملابسات وفاتهم”.

وكشف تقرير الشبكة عن بيانات موثوقة تفيد “بصدور أحكام إعدام جماعية بحقِّ آلاف المختفين قسراً، خاصة في مراكز احتجاز مثل سجن صيدنايا العسكري”.

وأضاف التقرير أنه خلال الأسابيع الأخيرة من عام 2024، “تم الكشف عن مواقع تحتوي على رفات آلاف الضحايا الذين أعدموا خارج نطاق القانون، ما يؤكد الجرائم الممنهجة التي ارتكبها نظام بشار الأسد”، وفق تعبير الشبكة.

وفي منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أفاد رئيس المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى بالعثور على مقبرة جماعية خارج العاصمة دمشق، تحوي ما لا يقل عن 100 ألف جثة لأشخاص قتلهم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وذلك من بين عدة مقابر جماعية تم الكشف عنها بعد سقوط النظام.

وزارت منظمة هيومن رايتس ووتش موقعا في حي التضامن جنوب دمشق يومي 11 و12 ديسمبر/كانون الأول 2024، ووجدت عشرات الرفات البشرية في موقع مذبحة أبريل/نيسان 2013 مبعثرة في جميع أنحاء الحي المحيط.

وقال سكان في حي التضامن للمنظمة إن “عمليات الإعدام في المنطقة كانت شائعة”. وفي مقابلات أجرتها رايتس ووتش في عام 2022، “وصفوا ما لا يقل عن 10 حوادث أخرى من عمليات القتل بإجراءات موجزة بين أغسطس/آب 2012 ويناير/كانون الثاني 2014 في التضامن وداريا والمعضمية والمناطق المحيطة بها”.

وتشير هذه الأدلة إلى أن “جثثاً أخرى دُفنت في المنطقة وحولها” وفق المنظمة. وكانت المنطقة أيضاً مسرحاً لاشتباكات مسلحة بين قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة في نقاط عديدة بين عامي 2012 و2013.

وقال أحد سكان التضامن البالغ من العمر 24 عاماً، والذي عاش في المنطقة طوال النزاع، لـ هيومن رايتس ووتش إنه “حتى عام 2020 على الأقل، منعت قوات الدفاع الوطني، وهي جماعة شبه عسكرية موالية للحكومة، السكان من الاقتراب من منطقة لا تقل مساحتها عن كيلومتر مربع واحد تضم المقبرة الجماعية”. وأضاف أنه “في أواخر عام 2015 وأوائل عام 2016، أجبروه، وهو صبي يبلغ من العمر 15 عاماً في ذلك الوقت، على القدوم إلى المنطقة لبناء الأنفاق، وسحب الجثث من تحت الأنقاض ورميها في قبور محفورة مسبقًا بينما كان أعضاء قوات الدفاع الوطني يطلقون النار بين أرجلهم”، وفق تقرير لرايتس ووتش في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024.

وقال أحد السكان الآخرين للمنظمة “إنه في 20 مايو/أيار 2013، ذهبت والدته (61 عاماً) وشقيقته (27 عاماً) وابنته (12 عاماً) إلى منزلهم بالقرب من هذه المنطقة لالتقاط بعض أشيائهن ولم يعدن أبدًا”، وأضاف أنه “لم يسمع عنهم وقد قدم وثائق تفيد باختفائهم إلى السلطات”.

وخلصت المنظمة إلى أن “حكومة الرئيس المخلوع بشار الأسد استخدمت عمليات القتل بإجراءات ممنهجة إلى جانب تكتيكات غير قانونية أخرى، مثل الاعتقالات التعسفية والهجمات العشوائية والتجويع، لتهجير سكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بالقوة”.

وأكدت رايتس ووتش أنه “وبعد أن استعاد النظام السابق العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة بحلول عام 2018، صمم ونفذ سياسات سمحت له فعليًا بمنع الأشخاص الذين اعتبرهم معارضين من العودة إلى ديارهم”.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان: نظام الأسد عذب معارضيه ب 72 وسيلة في أكثر من 50 مركز اعتقال واحتجاز (رويترز)

تعذيب في السجون بعشرات الوسائل

في 10 ديسمبر/كانون الأول 2024، خرجت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتقرير يفيد بأن “آلاف السوريين تعرضوا؛ خلال حكم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد؛ لعمليات تعذيب بوسائل شتى بلغت 72 وسيلة في أكثر من 50 سجنا ومركز اعتقال”.

وأكدت الشبكة أن قوات النظام المخلوع “اعتقلت ما لا يقل عن 1.2 مليون سوري، وأخضعتهم لمختلف أنواع التعذيب طوال فترة الحرب الأهلية”.

وبحسب تقرير الشبكة السورية، استخدم النظام السوري “أنواعا مختلفة من التعذيب بما في ذلك العنف الجسدي والنفسي والجنسي”. وكشف التقرير أنه من بين ممارسات “التعذيب الجسدي التي اتبعها النظام، سكب الماء المغلي على أجزاء مختلفة من جسد السجين، وغمر رأسه في الماء، والصعق الكهربائي، وإحراق كيس نايلون وإسقاطه على الجسد، وإطفاء السجائر في الجسد، وحرق أصابع المعتقل وشعره وأذنيه”.

وأضافت الشبكة أن “أساليب التعذيب تمثلت أيضا في إزالة أظافر اليدين والقدمين بأدوات تشبه الكماشات، ونتف الشعر، وتمزيق الأطراف بما في ذلك الأذنين والأعضاء التناسلية، بأدوات مثل المقص”.

وقال معز مراب، أحد المساجين المفرج عنهم بعد إسقاط النظام، لرويتز إنه “اتُهم بالانتماء إلى منظمة إرهابية، وإن المحققين استخدموا معه أساليب تعذيب جسدية ونفسية مختلفة”.

وأضاف مراب: “في النهاية، ستقول لهم سأفعل ما تريدون مني أن أفعله، لكن توقفوا، لكنهم لم يفعلوا، كنت أريد فقط أن ينتهي الأمر”.

وأوضح تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن المراكز التي كان النظام “يعتقل المعارضين ويعذبهم فيها” يزيد عددها على 50 مركزا في جميع محافظات البلاد تقريبا، وتنقسم إلى سجون مدنية وأخرى عسكرية، ومراكز اعتقال سرية غير رسمية، وأخرى تابعة للوحدات الأمنية”.

وصرح السجين السابق محمد حنانيا في أحد السجون في دمشق، لوكالة رويترز أنه “كان يموت في الزنزانة من شخص إلى ثلاثة أشخاص كل يوم”.

وأضاف: “كان الرقيب يقتل شخصا منا عندما لا يموت أحد من الضعف، كان يأخذهم إلى المراحيض ويركلهم في الرأس”.

وقال فايز موات، سجين آخر محرر، لرويترز، وهو يتفحص سلما في إحدى الزنزانات إنه “يتذكر هذا السلم – لقد تم تعصيب عينيه وإجباره على تسلقه”.

وأضاف “تم تعليقي في الهواء ويدي خلف ظهري، كانت كتفي ممزقة، ولم أستطع أن أقول كلمة واحدة، لا أحد يستطيع أن يتحمل أكثر من 5 أو 10 دقائق.”

وتعليقا على رحيل النظام السابق، قال موات: “هنا، داسوا على كرامتي وأذلوني، أنا إنسان، ولأنني كذلك، أتيت إلى هنا اليوم فقط لأرى أنه لا شيء يدوم إلى الأبد حقًا”.

وكشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه من بين “أسوأ المعتقلات في صنوف التعذيب، تبرز سجون صيدنايا والمزة والقابون في دمشق، والبالون وتدمر في حمص”.

العفو الدولية: صيدنايا هو المكان الذي ذبح فيه النظام السوري الشعب بهدوء (رويترز)

سجن صيدنايا … مسرح لعمليات شنق جماعية

في تقرير مطول أصدرته منظمة العفو الدولية في 7 فبراير/شباط 2017، وصفت المنظمة سجن صيدنايا العسكري “بالمكان الذي تقوم الدولة السورية فيه بذبح شعبها بهدوء”. وقالت إنه منذ عام 2011، “جرى إعدام آلاف الأشخاص خارج نطاق القضاء في وقُتل آخرون كثر من المحتجزين في صيدنايا جراء تكرار تعرضهم للتعذيب والحرمان الممنهج من الطعام والشراب والدواء والرعاية الطبية”.

وأضافت العفو الدولية أن “قتلى صيدنايا يدفنون في مقابر جماعية، ولا يمكن لأحد أن يزعم أن مثل هذه الممارسات المنهجية والواسعة النطاق تُرتكب بدون تفويض من الحكومة السورية على أعلى مستوياتها”.

وفي وصف المنظمة لسجن صيدنايا، أكدت في التقرير أنه “ثمة مركزان للاحتجاز داخل السجن العسكري يطلق عليهما المبنى الأحمر والأبيض”، ووفق المنظمة “يُحتجز فيهما ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص، ويشكل المدنيون غالبية المحتجزين في ما يسمى بالمبنى الأحمر ممن جرى اعتقالهم عقب اندلاع الأزمة في العام 2011؛ بينما يشكل ضباط وجنود الجيش السوري سابقا غالبية المحتجزين في المبنى الأبيض على إثر اعتقالهم منذ العام 2011 أيضا”.

وحسب العفو الدولية، “قُتل آلاف المحتجزين في المبنى الأحمر إثر إعدامات سرية تتم خارج نطاق القضاء، بعد احتجازهم في ظروف تصل إلى مصاف الاختفاء القسري”.

“وجرت عمليات الإعدام على شكل عمليات شنق جماعية، وأُدين الضحايا وحُكم عليهم بالإعدام عقب محاكمات أمام محكمة الميدان العسكرية الكائنة في حي القابون بدمشق، وتستغرق المحاكمة الواحدة ما بين دقيقة واحدة وثلاث دقائق كحد أقصى”، وفق المنظمة.

وأوضح تقرير المنظمة أن “سلطات السجن تقوم بجلب الضحايا من زنزاناتهم عصر اليوم المحدد لتنفيذ الإعدام شنقاً، أو ما تطلق السلطات عليه مصطلح (الحفلة). وتخبر المحتجزين المدرجين على قائمة الإعدام أنه سوف يتم ترحيلهم إلى سجن مدني، ولكن يجري عوضا عن ذلك إيداعهم في زنزانة تقع في قبو المبنى الأحمر من سجن صيدنايا، ويتعرضون فيها للضرب المبرح على مدار ساعتين أو ثلاث، قبل أن يضعوا عصابة على أعينهم ليلًا وترحيلهم في الشاحنات أو حافلات الركوب الصغيرة إلى المبنى الأبيض، حيث يتم اقتيادهم هناك إلى إحدى غرف القبو وإعدامهم شنقاً، وهي ممارسة تتكرر مرة أو اثنتين أسبوعيا، ويجري شنق ما بين 20 و50 شخصاً في كل مرة”.

ووثقت المنظمة حسب الشهود، “وضع الجثث عقب الإعدام في شاحنة، ونقلهم إلى مشفى تشرين في اللاذقية لتسجيلها ومن ثم دفنها في قبور جماعية، في أرض تابعة للجيش على مقربة من دمشق، وفي قرية (نجها) تحديداً، التي تقع على الطريق الواصل بين دمشق والسويداء، وفي بلدة (قطنا) الصغيرة الواقعة في الضواحي الغربية من دمشق”.

وبني سجن صيدنايا عام 1987، ويقع قرب دير صيدنايا على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة دمشق، وتمكنت قوات المعارضة السورية في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 من اقتحامه، وتحرير كافة المعتقلين منه.

رايتس ووتش: نظام الأسد ارتكب فظائع لا حصر لها وجرائم ضد الإنسانية (رويترز)

جرائم حرب تلاحق النظام السابق منذ عام 2011

في 12 يونيو/حزيران 2013، أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي عن دعوى تقدّمت بها كل من كندا وهولندا، ضد النظام السوري، بتهمة ارتكاب “انتهاكات لا حصر لها للقانون الدولي، ابتداء من عام 2011 على الأقل، بقمعه العنيف للمظاهرات المدنية”.

وجاء في الدعوى أن “نظام الأسد ومنذ عام 2011، ارتكب أفعالا ترقى إلى جرائم حرب”، وركزت الدعوى بشكل خاص على “التعذيب والقمع في السجون السورية”.

كما تشمل الانتهاكات التي ذكرتها الدعوى “استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة للمحتجزين، والظروف غير الإنسانية في أماكن الاحتجاز، والاختفاء القسري، واستخدام العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والعنف ضد الأطفال”.

وأشارت الدعوى أيضا إلى الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا بوصفها “ممارسات بغيضة” تهدف إلى تخويف السكان المدنيين ومعاقبتهم “مما أدى إلى العديد من الوفيات والإصابات والمعاناة الجسدية والعقلية الشديدة”.

وفي 10 سبتمبر/أيلول 2024، وجدت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا “أن ما لا يقل عن 150 مدنيا، نصفهم من النساء والأطفال، قتلوا في شمال غرب سوريا، بما في ذلك من خلال استعمال الذخائر العنقودية في مراكز حضرية ذات كثافة سكانية مرتفعة في منطقة إدلب”.

وقالت إن معظم هؤلاء ارتقوا نتيجة “هجمات عشوائية شنتها القوات الحكومية السورية، مؤكدة أن ذلك قد يرقى إلى جرائم حرب”.

وأضافت اللجنة في تقريرها “أن ممارسات الاعتقال القاسية استمرت في كل أنحاء سوريا، مما يؤكد مجددا استمرار أنماط جرائم الحرب من طرف كل الجهات الفاعلة الممارسة للاعتقال، وكذا أنماط الجرائم ضد الإنسانية أثناء الاعتقال من طرف الدولة السورية”.

وفي 13 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت اللجنة أنهت تجمع قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، “آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة على أعلى المستويات في هذا البلد”.

مقررة أممية: الجنائية الدولية أنسب مكان لمحاكمة الأسد (رويترز)

سبل محاسبة النظام السابق

في تقرير صادر يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2024، أوصت منظمة هيومن رايتس ووتش “بتأمين وحفظ أدلة الفظائع المرتكبة في سنوات حكم نظام الأسد”.

وأوضحت المنظمة أن “هناك حاجة ملحة لجمع وحماية الأدلة، بما في ذلك من مواقع المقابر الجماعية والسجلات والمحفوظات الحكومية، والتي يمكن أن تكون أدلة حيوية في عمليات المساءلة المحلية والدولية في المستقبل”.

وطالبت المنظمة القيادة السورية الجديدة على “دعوة المراقبين المستقلين بما في ذلك الآلية الدولية المحايدة والمستقلة لسوريا ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا إلى سوريا على الفور والتعاون الكامل معهم وضمان وصولهم دون عوائق”.

كما دعت المنظمة إلى “التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومنحها ولاية قضائية بأثر رجعي تعود إلى عام 2002 من خلال تقديم إعلان إلى المحكمة”. وطالبت السلطات الجديدة أيضا “أن تعمل على مواءمة التشريعات الوطنية السورية بشكل كامل مع نظام روما الأساسي والقانون الدولي”.

بدورها، أوصت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، في 20 ديسمبر/كانون الأول 2024، بإنشاء وحدة متخصصة لتنسيق حماية وحفظ مواقع المقابر الجماعية والوثائق ذات الصلة، إلى أن يتمكن خبراء الطب الشرعي من تقييمها.

ودعا خبراء حقوق الإنسان المستقلون السلطات إلى تثبيط أي تدخل وإعادة أي وثائق تم نقلها بالفعل. وقد عرضت العديد من الهيئات والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية المساعدة لتأمين الأدلة ودعم أسر المفقودين، وفق اللجنة.

وأوضحت لينيا أرفيدسون، المنسقة العامة للجنة أن الفريق تعاون حتى الآن “في 170 تحقيقاً جنائياً، ما قاد إلى 50 إدانة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.”

لكنها أشارت إلى أنه لم يتم حتى الآن الوصول إلى كبار المسؤولين، وقالت إنه “هناك الآن فرصة لتحميلهم المسؤولية أيضا”.

المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين: الإعادة القسرية للسوريين غير ممكنة حاليا (رويترز)

عودة النازحين واللاجئين السوريين.. بين الرغبة والتردد

عاد آلاف اللاجئين السوريين إلى الديار خصوصا من لبنان وتركيا، بعد الإعلان عن الإطاحة بنظام بشار الأسد المخلوع.

وأشار وزير الداخلية علي يرلي قايا في 26 ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى أن أكثر من 25 ألف سوري عادوا إلى بلادهم خلال آخر 15 يوما، مما يرفع عدد العائدين منذ عام 2017 إلى 763 ألفا، موضحا أنه يوجد حاليا 2.9 ملايين سوري تحت الحماية المؤقتة في تركيا.

وماتزال فكرة العودة تلح على ملايين اللاجئين السوريين الآخرين المنتشرين في أنحاء العالم، إلا أن الكثيرين منهم ينتظرون استقرار الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد، ومنهم من يفتقر إلى الوسائل لذلك؛ خصوصا أولئك الذين يعيشون في المخيمات وفي ظروف إنسانية قاسية.

وقالت نور الهدى بسام الشيخ، لاجئة سورية في لبنان وأم لسبعة أطفال، لرويترز: “نريد أن نعود، ولكن في الوقت الحالي ليس لدينا منزل هناك، وليس لدينا المال للعيش هناك، ونحن بحاجة إلى المال ونريد شيئًا نذهب به إلى سوريا”.

وصرح أحمد عباس، لاجئ سوري في ألمانيا، لرويترز، أنه “يشعر برغبة ملحة في العودة لكنه غير متأكد”، وأضاف “سأعود لمدة أسبوع أو أسبوعين، سألقي نظرة على البلاد وأرى ما إذا كانت على ما يرام، وبعد ذلك، إذا كانت على ما يرام، فسأبقى وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسأعود إلى ألمانيا”.

ونزح أكثر من سبعة ملايين سوري داخل البلاد بينما لجأ أكثر من ستة ملايين إلى البلدان المجاورة، وأيضا إلى أوروبا ودول أخرى حول العالم.

وتبقى تركيا البلاد التي استضافت أكبر عدد من اللاجئين السوريين، إذ يفوق العدد الثلاثة ملايين ومائة ألف لاجئ من أصل ستة ملايين، تتبعها لبنان بأكثر من سبعِمائة وسبعين 770 ألفا، والأردن بأكثر من ستمائة وعشرين 620 ألف لاجئ، بحسب بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لسنة 2024.

وفي أوروبا، تستضيف ألمانيا العدد الأكبر بأكثر من سبعِمائة وستة عشر 716 ألف لاجئ سوري، تتبعها النمسا بحوالي ثمانية وتسعين 98 ألفا والسويد بما يقرب من سبعة وثمانين 87 ألفا، كما أعلنت فرنسا أنها تضم ما يقرب إلى ستة وأربعين 46 ألفا منهم أيضا.

وردا على الوضع الذي يتطور بسرعة داخل سوريا، علقت العديد من الحكومات في أوروبا قراراتها بشأن طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، منها ألمانيا وإيطاليا والسويد وبلجيكا واليونان، في انتظار الوضوح بشأن الظروف الأمنية في البلاد.

ووفق الداخلية النمساوية، اختارت بعض الدول الأوروبية كالنمسا والدنمارك تخصيص مبالغ محددة لتشجيع اللاجئين السوريين للعودة إلى الديار تحت عنوان “مكافأة العودة”، بنية تسريع ترحيلهم.

وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد عبرت عن رفضها لقرار توقيف معالجة طلبات اللجوء من طرف بعض الدول الأوروبية، وأكدت أن “وضوح مستقبل سوريا السياسي والحقوقي مهمٌ لتأمين الطريقِ لملايين اللاجئين نحو بلادهم، وهو ما يحتاج للوقت للتمكن من اتخاذ القرارات الصائبة”.

بدورها قالت المفوضية الأوروبية لشؤون الهجرة إن الإعادة القسرية للسوريين إلى وطنهم غير ممكنة في الوقت الحالي. وحثت الداخلية الألمانية على “الانتظار وعدم التسرع إلى حين وضوح الطريق الذي تتجه له سوريا”، رغم تخفيضها أيضا من أولوية طلبات اللجوء المقدمة من السوريين.

في نفس السياق، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أنه “لا ينبغي لأي حكومة أن ترسل أو تخطط لإعادة اللاجئين السوريين قسراً بحجة أنهم لم يعودوا في حاجة إلى الحماية”، واستندت المنظمة إلى اتفاقية اللاجئين لعام 1951 التي تنص على أن الشخص لا يعود بحاجة إلى الحماية الدولية عندما تتوقف الظروفُ التي تسببت في تحوله إلى لاجئ عن الوجود.

المركز السوري للسياسات والبحوث: البلاد شهدت تضخما كبيرا خلال سنة 2023 (رويترز)

ظروف اقتصادية خانقة جراء العقوبات الدولية

وفق تقارير صادرة عن اليونيسف، بلغت ميزانية سوريا عام 2023 نحو 5.88 مليارات دولار فقط، بمعدل 256 دولارًا للفرد سنويا، وهي أقل من ربع مستوى ميزانية 2011.

وانكمش الاقتصاد السوري بنسبة 85% خلال ما يقرب من 14 عامًا من الحرب الأهلية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية وزيادة التضخم.

ودمر الصراع البنية التحتية للبلاد، مما تسبب في أضرار دائمة للكهرباء والنقل وأنظمة الصحة. وشهدت عدة مدن، بما في ذلك حلب والرقة وحمص، دمارًا واسع النطاق.

كما تسبب الصراع في انخفاض كبير في قيمة الليرة السورية، مما أدى إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية.

وفي يونيو/حزيران 2023، قال تقرير للمركز السوري للسياسات والبحوث، إن “البلاد شهدت تضخمًا مفرطًا ومتسارعًا للغاية، خلال نفس السنة”.

وأوضح المركز أن “أكثر من نصف السوريين يعيشون في فقر مدقع، وغير قادرين على تأمين احتياجاتهم الغذائية الأساسية”.

ووفق وكالة الأناضول، أدت العقوبات المختلفة ضد النظام السوري السابق إلى عبء اقتصادي كبير، وأدت العقوبات الأمريكية على سوريا سنة 1979 إلى فرض قيود مالية مختلفة، وقيود أخرى إضافية على الواردات والصادرات.

ومع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 أصبحت العقوبات أكثر شمولا، من خلال الحظر التجاري على قطاعات الطاقة والمالية التي توفر الدخل لنظام بشار الأسد، وتجميد أصول كبار المسؤولين ومنع الشركات الأميركية من التعامل مع سوريا.

واتسع نطاق العقوبات مع إصدار قانون قيصر الأمريكي لحماية المدنيين في سوريا، وهدفت هذه العقوبات، لا سيما المفروضة على قطاعي البناء والطاقة، إلى زيادة صعوبة بقاء النظام اقتصاديا.

كما فرض الاتحاد الأوروبي قيودا على تصدير المعدات والتقنيات التي يمكن لنظام الأسد استخدامها للقمع، فضلا عن تقنيات المراقبة أو التنصت على الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية. ولم يُسمح للمؤسسات المالية في سوريا بفتح فروع أو شركات تابعة في الاتحاد الأوروبي.

  • الأكـثر مشاهـدة
  • الـشائـع