بينما يضرب فيروس (كوفيد-19) العالم بقوة، حذرت منظمتان تابعتان للأمم المتحدة من احتمالات حدوث نقص في الإمدادات الغذائية في بعض الدول، ومستويات غير مسبوقة في معدلات البطالة خصوصا بالمنطقة العربية، فيما أعرب أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، عن أمله في أن يصبح العالم أفضل مما كان عليه قبل أزمة كورونا.
وفي مقال بعنوان “التعافي من أزمة فيروس كورونا يجب أن يؤدي لعالم أفضل”، قال غوتيريش، في صحيفة الغارديان البريطانية، إن على دول العالم أن “تضمن تعاملا عالميا ومنسقا بقدر كاف مع الوباء بما يؤسس قدرة على المرونة والتعافي من أجل المستقبل.”
وبناء على متابعته لمعدل الإصابات بالوباء وطريقة التعامل معه، يقول إن العالم: مازال متأخرا.. وأبعد عن مرحلة تهدئة منحنى العدوى المتصاعد.”
وحذر المسؤول الأممي من أنه “بدون اتخاذ إجراءات متضافرة وشجاعة، من المؤكد أن عدد الحالات الجديدة سيتصاعد ليصل إلى الملايين، ما يدفع بالنظم الصحية إلى نقطة الانهيار، والاقتصادات إلى حالة من الهوس، والناس إلى اليأس، مع تعرض الدول الأفقر للقدر الأكبر من الضرر.”
جاءت تلك التصريحات فيما أعد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تقريرا بعنوان: التأثير المحتمل لجائحة فيروس (كوفيد-19) على أشد الناس فقرا – تحليل برنامج الأغذية العالمي لآثار الجائحة على الاقتصاد والأمن الغذائي”
وأفاد التقرير أن جائحة كوفيد-19 حتى الآن لم تؤثر على سلسلة الإمدادات الغذائية العالمية، لكنّه حذر من تحوّل هذا التخوف إلى واقع إذا ما ساد الذعر في صفوف كبار مستوردي الأغذية.
وأوضح أن الحبوب الأساسية للغذاء تتوفر حاليا في الأسواق العالمية بشكل جيد، ولا تزال الأسعار منخفضة بشكل عام، وتنتقل السلع من “سلة الخبز” إلى المستهلك، وأن إنتاج الأغذية وتوريدها يتسم بطبيعة عالمية، لكنّ الإجراءات المرتبطة باحتواء فيروس كورونا أصبحت تفرض تحديات متزايدة على ذلك النسق.
ومن ناحيتها، قالت إليزابيث بيرز، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن تعطيل الإمدادات الغذائية لا يزال في أدنى مستوياته حتى الآن، لكنها في الوقت نفسه حذرت من أنه إذا فقد المستوردون الكبار الثقة فيما وصفته بـ” التدفق الموثوق به للسلع الغذائية الأساسية”، فإن ذلك قد يؤدي إلى “شراء الذعر” وهو عمليات الشراء التي تتم بدافع الهلع والفزع مما يتسبب حتما في ارتفاع الأسعار.
ووفقا للتقرير أنه عندما حدثت أزمة الغذاء عام 2008، عانت أفقر الأسر في العالم بشكل غير متناسب، نظرا لأن تلك الأسر تنفق أكبر حصة من دخلها على الطعام، موضحا أن أفريقيا تضم النسبة الأكبر من الذين يعانون من غياب مزمن في الأمن الغذائي وعددهم وفقا للأمم المتحدة يصل الي 212 مليون شخص، إضافة الي 95 مليونا يعيشون في ظل انعدام حاد في الأمن الغذائي.
وأوصى التقرير بمراقبة أسعار المواد الغذائية والأسواق، ونشر المعلومات بشفافية والمساعدة على تعزيز السياسات الحكومية مع تجنب الذعر والاضطرابات الاجتماعية.
من ناحيتها، توقّعت لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا “إسكوا”، أن ينضم أكثر من 8 ملايين عربي إلى “عداد الفقراء” في المنطقة جراء انتشار فيروس “كورونا.
وأوردت اللجنة في دراسة نشرتها بعنوان “فيروس كورونا: التخفيف من أثر الوباء على الفقر وانعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية”، أن “عدد الفقراء سيرتفع في المنطقة العربية مع وقوع 8.3 مليون شخص إضافي في براثن الفقر.
ونبّهت إلى أنه “نتيجة لذلك، من المتوقع أن يزداد أيضاً عدد الذين يعانون من نقص في التغذية بنحو 2 مليون شخص”.
واستناداً إلى هذه التقديرات، أفادت اللجنة بأنه “سيُصنَّف ما مجموعه 101.4 ملايين شخص في المنطقة في عداد الفقراء، وسيبلغ عدد الذين يعانون من نقص في التغذية نحو 52 مليوناً”.
وجاءت تقديرات لجنة “إسكوا”، بعد تحذيرها قبل أسبوعين من أن “كورونا”، قد يتسبّب بخسارة أكثر من 1.7 مليون وظيفة في العالم العربي.
وفي مقاله المهم بصحيفة الغارديان البريطانية الخميس الماضي، نصح غوتيريش بضرورة “الاستعداد للأسوأ، وبذل كل ما في الوسع لتجنبه.
ولتحقيق ذلك، اقترح غوتيريش خطة من ثلاث نقاط. الأولى كبح جماح انتقال الفيروس بين الناس، وهذا يتطلب تكثيف الاختبارات وتقييد حركة الناس والاتصالات فيما بينهم. ونبه إلى ضرورة الإصرار على هذه الإجراءات أيا تكن نتائجها على اضطراب الحياة وحتى يتم التوصل إلى لقاح.
ويتعلق البند الثاني من خطة غوتيريش بـ “التعامل مع الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المدمرة للأزمة”. وهنا، ينبه إلى خطورة تأثير الوباء على الطرف الجنوبي من العالم.
ويقول “الفيروس ينتشر كالنار في الهشيم. ويُرجح أنه سينتقل بسرعة إلى جنوب العالم، حيث تعاني النظم الصحية، والناس أكثر عرضة للخطر، ويعيش الملايين في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان أو المستوطنات المزدحمة باللاجئين والمشردين داخليا.”
ووفقا لذلك، يقترح غوتيريش خطة شاملة متعددة الأطراف لا تقل الميزانية اللازمة لتنفيذها عن 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لمواجهة الوباء في مختلف أنحاء العالم.
- الأكـثر مشاهـدة
- الـشائـع