بحث حقوقيون دوليون “الإبادات الجماعية عبر المراحل الزمنية والمناطق”، وذلك في مؤتمر “إعادة النظر في القانون الدولي بعد غزة”، الذي انطلقت أعماله في إسطنبول يوم أمس الأحد.
ويأتي المؤتمر -الذي تنظمه كلية الحقوق بجامعة البوسفور وترعاه إعلاميا وكالة الأناضول- في ضوء ما يشهده قطاع غزة من مجازر وفي ظل عجز القوانين الدولية والمجتمع الدولي عن إيقاف نزيف دماء الفلسطينيين.
وأدار الجلسة المكرسة للإبادة الجماعية الحقوقي فيكتور قطان من جامعة نوتنجهام، وشارك فيها كمتحدثين أكاديمون دوليون بارزون.
وفي مداخلته بعنوان “تعريف الإبادة الجماعية كجريمة دولة شاملة” قال البروفسور ساتفيندر جوس، من جامعة كينجز كوليدج لندن، إن رئيس الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين اثنين و3 فلسطينيين “على الرغم من وجود جهة وحيدة تحتل الأراضي بشكل غير قانوني”.
وأشار إلى أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان ذكر أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس”، قائلا: “هذا يتجاهل السبب الرئيسي للصراع. ولم يتم ذكر الفصل العنصري أو المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية”.
أما الأستاذ في جامعة لوس أنديس الفنزويلية، خوسيه مانويل باريتو باريتو، فقدم مداخلة بعنوان “الإبادة الجماعية والإبادة الجماعية الاستعمارية والإبادة الجماعية في غزة: العواقب على القانون الدولي”.
وقال باريتو: “إن فكرة الإبادة الجماعية الواسعة النطاق فكرة أوروبية المركز. وهذا المصطلح، طرحه رافائيل ليمكين في سياق الوحشية النازية، وتم إدراجه لاحقًا في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 من خلال اقتباس من الهولوكوست”.
وتابع أن “إنشاء مفهوم الإبادة الجماعية والاعتراف القانوني به جاء نتيجة الجريمة الفظيعة التي ارتكبت في الأراضي الأوروبية. ولا تزال هذه الجريمة تحتل مكانة مركزية في التاريخ الأوروبي والعالمي”.
وأوضح أنّ السينما تذكر مرارا وتكرارا بالإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون، وبين أنه من الصعب العثور على أفلام عن الإبادة الجماعية كالتي ارتكبت في كمبوديا ورواندا والبوسنة، وأن “الإبادة الجماعية غير الهولوكوست لا تعتبر جديرة بالتمثيل الفني والسياسي العالمي”.
أما هارون هاليلوفيتش، من جامعة سراييفو، فقدم طرحه بعنوان: “سربرينيتشا وغزة: أفكار ودروس لمنع الإبادة الجماعية”.
وقال: “لقد أضاف الناس على الفور ألوان العلم الفلسطيني إلى الزهرة التي ترمز للإبادة الجماعية في سريبرينيتسا، لأننا فهمنا ما حدث هناك”.
وفي معرض إشارته إلى أن منع الإبادة الجماعية هي من أهم الالتزامات الأساسية للقانون الدولي، قال هاليلوفيتش: “بعد اعتماد اتفاقية جنيف، شهدنا تكرار وقوع الإبادة الجماعية في رواندا والبوسنة والهرسك”.
وقال هاليلوفيتش: “إذا نظرنا إلى مثال سربرنيتسا، يمكننا القول إن السبب الأكثر أهمية وراء الفشل في منع الإبادة الجماعية هو الخلل الوظيفي في نظام الأمم المتحدة. ويرتبط هذا بكل من آلية صنع القرار في مجلس الأمن والفشل في تنفيذ القرارات في حال اتخذت”.
وأضاف: “يواصل الجناة ارتكاب الإبادة الجماعية مع الإفلات من العقاب، كما رأينا في سربرينيتسا وغزة”.
وقدم ترنت لويجي دانييل من جامعة نوتنغهام ترنت طرحا بعنوان: “هل سيكون هناك قانون إنساني دولي بعد غزة؟ من قانون النزاعات المسلحة إلى قانون الإبادة الجماعية المسلحة الذي ترتكبه إسرائيل: تهديد عالمي للمدنيين في جميع أنحاء العالم”.
وأشار دانييلي أنه ينظر إلى إسرائيل على أنها استثناء في القانون الدولي، قائلاً: “أعتقد أن إسرائيل حاولت بشكل مثير للشفقة إعادة إدخال أدوات وأساليب حرب الإبادة الجماعية في الهيكل القانوني الدولي، لكنها فشلت”.
وبعد إشارته إلى أنّه من بنود القانون الدولي توفير الحماية للأطفال في مناطق النزاع، ذكر دانييلي أن عدد الأطفال الذين ماتوا في غزة يفوق عدد الأطفال الذين ماتوا في النزاعات حول العالم منذ عام 2019.
وبحسب دانييلي فإن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل كانت فعالة في تدمير غزة، وقال: “قدمت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 14 ألف قطعة من الأسلحة إلى حليفتها (إسرائيل) وكانت تعلم أنها ستستخدمها في مناطق فيها معدل كثافة سكانية بنسبة 34 ألف شخص لكل كيلومتر مربع”.
وختم دانييلي حديث بالقول: “يُنظر إلى غزة على أنها هدف عسكري ولهذا السبب لا يوجد أحد آمن فيها”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أميركي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
- الأكـثر مشاهـدة
- الـشائـع