الحريات العامة وحقوق الإنسان

الحريات العامة وحقوق الإنسان

القائمة البريدية
تاريخ النشر: 06 أغسطس, 2023

غزة.. مسرح لجرائم إبادة إسرائيلية ممنهجة منذ أكثر من عام

تاريخ النشر: 1 يناير, 2025
منظمات حقوقية: الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية في غزة (رويترز)

منظمات حقوقية: الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية في غزة (رويترز)

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا برية وجوية مستمرة على قطاع غزة المحاصر. وأدت الحرب إلى استشهاد أكثر من 45 ألف شخص في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، وجرح أكثر من 108000 آخرين، وفقا لتقديرات وزارة الصحة في القطاع.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن الحرب تسببت في نزوح ما لا يقل عن 1.9 مليون شخص، أي نحو 90 في المائة من السكان، في مختلف أنحاء قطاع غزة. وقد نزح الكثير منهم مرارا وتكرارا، بسبب أوامر الإخلاء المتكررة التي تصدرها إسرائيل.

وخلال ما يزيد عن السنة، “ارتكب الجيش الإسرائيلي جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، اعتمد فيها على التدمير الممنهج للفلسطينيين من خلال التجويع والتشريد وقصف الملاجئ والمنشآت الصحية والتعليمية وغيرها من أشكال الإبادة”، حسب تقارير أممية وتحقيقات لمنظمات إنسانية.

ووثقت الأمم المتحدة خلال سنة 2024 ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، “تضييق إسرائيل على العمل الإنساني داخل القطاع وعلى دخول المساعدات مما زاد من الأزمة الإنسانية وساهم في استشهاد العشرات جراء الجوع ونقص الإمدادات الطبية والكوادر الإنسانية”.

وعلى الرغم من إصدار محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة تلزم إسرائيل بإدخال المساعدات إلى غزة وحماية المدنيين، إلا أنها تواصل أعمالها “التدميرية” متجاهلة الدعوات الأممية والدولية المنددة ومذكرات الاعتقال الصادرة في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزراء في مجلس الحرب.

هيومن رايتس ووتش: إسرائيل قصدت تدمير الفلسطنيين بصورة سافرة ومروعة (رويترز)

قتل ممنهج وتدمير متعمد

في الأسبوعين الأولين من الحرب، فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على قطاع غزة، ومنعت دخول الضروريات الحيوية بما في ذلك الغذاء والمياه والأدوية والوقود والكهرباء.

كما منعت نقص الوقود تنقية أو ضخ المياه، وكان الوقود ضروريًا لنقل المساعدات وتشغيل المرافق الأساسية مثل المراكز الصحية.

وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، سُمح أخيرًا لشاحنات المساعدات الإنسانية بالدخول إلى غزة لكن بمعدل أقل بكثير من مستويات ما قبل الحرب، وأقل بكثير من الأعداد اللازمة لتلبية الاحتياجات الضخمة للفلسطينيين.

وكشفت دراسة أجراها مركز تابع لجامعة هارفارد في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أن أكثر من نصف مرافق الرعاية الصحية والتعليم والمياه تضررت بسبب الهجمات الإسرائيلية في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في جميع المحافظات الخمس في قطاع غزة.

وأظهرت الدراسة أن “الأضرار لم تكن متفرقة أو موزعة عشوائياً في مواقع البنية الأساسية المدنية، بل كانت متجمعة حول بنى أساسية بعينها بشكل متعمد”.

ووثق تقرير لمنظمة العفو الدولية صادر في 5 ديسمبر/كانون الأول، “كيف فرضت إسرائيل عمدًا ظروفًا معيشية قاسية على الفلسطينيين في غزة بهدف تدميرهم بمرور الوقت”.

وقالت المنظمة إن إسرائيل، ومنذ بداية الحرب، “فرضت حصارًا خانقا وغير قانوني على غزة، وقطعت الكهرباء والمياه والوقود، وفشلت في تسهيل الوصول الإنساني داخل غزة، وعرقلت استيراد وتسليم السلع المنقذة للحياة والمساعدات الإنسانية، وخاصة إلى المناطق الواقعة شمال وادي غزة”.

وخلصت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير صادر يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى أن سكان غزة “لم يتمكنوا من الوصول إلى الحد الأدنى من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة في حالات الطوارئ طويلة الأمد في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأغسطس/آب 2024”.

وفي شمال غزة، أفادت الأمم المتحدة أن الناس لم يتمكنوا من الوصول إلى مياه الشرب لأكثر من خمسة أشهر بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وأبريل/نيسان 2024.

وتوصلت رايتس ووتش إلى أن القوات الإسرائيلية “هاجمت عمداً العديد من مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة وألحقت بها الضرر أو دمرتها”.

وفي التاسع من يوليو/تموز، أصدرت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بياناً أكدت فيه انتشار المجاعة في مختلف أنحاء قطاع غزة، مشيرة إلى زيادة التقارير التي تتحدث عن وفاة أطفال بسبب سوء التغذية.

وقالت حميدة أبو حجاجا، والدة الطفل الفلسطيني معاذ أبو حجاج الذي قال الأطباء إنه يعاني من سوء التغذية، لوكالة رويترز، إن “طفلها كان طبيعيًا قبل الحرب، وكان يمشي ويأكل ويذهب إلى روضة الأطفال ولم يكن به أي مشكلة، لكن عندما اندلعت الحرب، أصيب الطفل بنقص الفيتامينات، وأصبح جسمه نحيفًا شيئًا فشيئًا”.

ودانت الأمم المتحدة “استهداف إسرائيل المتواصل للقطاع الصحي من خلال قصف المستشفيات وقتل أو اعتقال الأطقم الطبية في غزة”. وفي 30 من ديسمبر/كانون الأول 2024، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن “إخراج مستشفى كمال عدوان في شمال غزة عن الخدمة مثال صارخ على هذا التصعيد”.

ووثقت الأمم المتحدة أمس الثلاثاء، وقوع “ما لا يقل عن 136 غارة على نحو 27 مستشفى و12 مرفقا طبيا آخر”، وأكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن “تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات والمدنيين يعتبر جريمة حرب”.

ووصفت المفوضية مزاعم إسرائيل حول استخدام جماعات فلسطينية مسلحة للمستشفيات ب “الغامضة والفضفاضة”.

وحسب العفو الدولية، “تسببت إسرائيل في تفاقم الأزمة الإنسانية القائمة بالفعل، وأدى ذلك إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بمنازل غزة ومستشفياتها ومرافق المياه والصرف الصحي والأراضي الزراعية، والنزوح القسري الجماعي، إلى مستويات كارثية من الجوع وانتشار الأمراض بمعدلات مثيرة للقلق”.

وأشارت المنظمة إلى أن “التأثير كان قاسياً بشكل خاص على الأطفال الصغار والنساء الحوامل أو المرضعات، مع عواقب طويلة الأجل متوقعة على صحتهم”.

وكشف تقرير رسمي أصدره الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، أمس الثلاثاء، أن عدد سكان غزة انخفض بنسبة 6% مع نهاية العام 2024، بسبب استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع.

صورة عامة - كيف يواجه سكان شمالي غزة محاولات تهجيرهم (الجزيرة)

نزوح متكرر وإخلاء قسري

في الثاني عشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تلقى 1.1 مليون فلسطيني أوامر إخلاء للانتقال إلى الجنوب من وادي غزة هرباً من القصف والعمليات العسكرية الإسرائيلية.

وعلى الرغم من الوعود بالسلامة في المناطق الجنوبية، استمر القصف في جميع أنحاء غزة. وقد اختار بعض المدنيين في شمال غزة عدم الإخلاء، إما بسبب القيود المادية أو الخوف من النزوح الدائم.

واعتباراً من الثالث من ديسمبر/كانون الأول 2023، فرضت إسرائيل قيوداً على الحركة بين محافظات غزة، مما أعاق تسليم المساعدات الإنسانية الحيوية.

وحث الجيش الإسرائيلي المدنيين في غزة البالغ عددهم مليوني نسمة على الانتقال إلى “منطقة إنسانية” صغيرة الحجم تم تحديدها من جانب واحد، مما أدى إلى تفاقم محنة سكان غزة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، في 18 ديسمبر/كانون الأول، إسرائيل “بالفشل تماما في الحفاظ على سلامة الفلسطينيين الفارين والنازحين في غزة وبتعريضهم للخطر”.

وقالت نادية حضرمان، الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة، إن فريق البحث قام “بتحليل 184 أمر إخلاء عسكري إسرائيلي وعشرات الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، ووجد أن أوامر الإخلاء غير الدقيقة وغير المتناسقة غالبا ما كانت تخدم فقط لبث الارتباك ونشر الخوف، حتى لو جاءت في الوقت المناسب للسماح للناس بالفرار على الإطلاق.

وأكدت أن “الجيش الإسرائيلي حدد مرارا وتكرارا طرق الإخلاء والمناطق الآمنة ثم هاجمها”.

وقالت امرأة تبلغ من العمر 42 عاما ولديها ابن يبلغ من العمر 11 عاما للمنظمة: “نعم، كانت هناك منشورات ومكالمات مسجلة فهمت أنها أوامر إخلاء، ونعم، أردنا اتباعها، لكننا لم نستطع لأن الإسرائيليين بدأوا في قصف المنطقة بكثافة حتى قبل الإعلان، وقُتل الناس بأعداد هائلة وبطرق وحشية”.

ويعيش النازحون في المخيمات في ظروف مزرية، إذ قال الدفاع المدني في غزة، أمس الثلاثاء، إنه تلقى مئات اتصالات الاستغاثة من النازحين الذين غمرت مياه الأمطار خيامهم وأماكن إيوائهم يناشدون فيها لإنقاذ أطفالهم.

وأكد الدفاع المدني أن طواقمه لا تستطيع سوى إجلاء المواطنين من أماكن إيوائهم المتضررة إلى أماكن أخرى تكون في الأغلب غير صالحة للإيواء، مما يعرضهم للبقاء في العراء تحت المطر والبرد القارس.

خيم وملاجئ مؤقتة في مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح (الفرنسية)

رفح.. عملية عسكرية إسرائيلية فوق خيام النازحين

في الأول من يناير/كانون الثاني، بدأت عملية إجلاء جماعية إلى رفح بناء على توجيهات من الجيش الإسرائيلي، وسط قتال عنيف في خان يونس ودير البلح، وأصبحت رفح موطنًا لغالبية سكان غزة، بما في ذلك معظم النازحين الفلسطينيين البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة.

وفي فبراير/شباط 2024، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجيش الإسرائيلي ومسؤولين آخرين بتقديم خطة إلى مجلس الوزراء لإخلاء رفح، أقصى محافظة في جنوب غزة. وقال نتنياهو إن هذا الإجراء ضروري لمهاجمة كتائب حماس في المنطقة.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، عقب الإعلان، من أن غزو القوات الإسرائيلية الكامل لمدينة رفح سيكون “خطأ استراتيجيا وكارثة سياسية وكابوسا إنسانيا”

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش آنذاك إن “التهجير القسري هو جريمة حرب” وأضافت أن “أي تهجير قسري للسكان لن يعفي القوات الإسرائيلية من مسؤوليتها عن اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية السكان المدنيين”.

وفي السادس من مايو/أيار، غزت القوات الإسرائيلية رفح، وتفاقم البؤس في غزة مع انتقال مئات الآلاف من الناس مرة أخرى إلى مناطق قد توفر لهم قدراً ضئيلاً من الأمان.

شاحنة تحاول العبور عبر معبر كرم أبو سالم إلى غزة/الجزيرة -أرشيف

منع دخول المساعدات والتضييق على العمل الإنساني

إلى جانب الأزمة المتفاقمة، فرض الجيش الإسرائيلي منذ الثالث من ديسمبر/كانون الأول قيوداً على الحركة بين محافظات غزة، مما أعاق تسليم المساعدات الإنسانية الحيوية.

وفي الرابع عشر من فبراير/شباط، بدأ الجيش الإسرائيلي فترة أسبوعين دون السماح لأي شاحنات مساعدات بالدخول إلى غزة، مما أدى إلى تفاقم المجاعة والحاجة.

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، أي في الثامن والعشرين من فبراير/شباط، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن وفاة ستة أطفال بسبب سوء التغذية.

وفي اليوم التالي، فتحت القوات الإسرائيلية النار على سكان غزة الذين كانوا ينتظرون المساعدات الغذائية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 فلسطيني وإصابة أكثر من 700 آخرين.

من جهة أخرى، أكد عمال الإغاثة على الانهيار الشديد للأمن حول معبر الحدود الرئيسي في جنوب غزة وزيادة عمليات النهب التي تفاقمت مع الظروف اليائسة، وفق تقارير صحفية.

وطالب عمال الإغاثة إسرائيل بوقف منعهم من أداء واجبهم، وقالت سارة السقا، عضو فريق العمل في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، لوكالة رويتز: “أصبحت المناطق محاصرة ولا يمكن الوصول إلى المساعدات الإنسانية أو الرعاية الصحية أو الغذاء أو الإمدادات الطبية، هذا غير مقبول.

وأضافت: “كنا نحاول على مدى الأشهر الثلاثة الماضية القدوم والوصول إلى الشمال، لكننا لم نتمكن من ذلك. لقد تم منعنا مرة تلو الأخرى.”

وقبل الغزو الإسرائيلي، كانت مدينة رفح المركز اللوجستي لوكالات الإغاثة والمكان الأخير الذي تمكنت من العمل فيه بأي درجة من الأمان.

وأوضحت ألكسندرا سايه، رئيسة السياسة الإنسانية والدعوة في منظمة إنقاذ الطفولة، لصحيفة “ذا نيو هيومانيتاريان” أن المسؤولين الإسرائيليين وعدوا مراراً وتكراراً بتوسيع نطاق وصول المساعدات لكنهم لم يفعلوا”.

وأضافت أن القضايا الأساسية التي منعت توصيل المساعدات بشكل فعال طوال الحرب لم يتم حلها، وهي الافتقار إلى نقاط عبور مفتوحة، والخطر الشديد الذي يهدد عمليات الإغاثة والعاملين في مجال الإغاثة”.

الأونروا: حظر الوكالة يحرم ملايين الفلسطينيين من المساعدة (رويترز)

القضاء على أمل الإنقاذ بحظر الأونروا واستهداف عمال الإغاثة

قُتل المئات من عمال الإغاثة في غزة، وفقًا لقاعدة بيانات أمن العاملين في مجال الإغاثة. وفي الأول من أبريل/نيسان، قتل سبعة من عمال الإغاثة من منظمة “وورلد سنترال كيتشن”، في غارة جوية إسرائيلية، مما سلط الضوء على الظروف الخطيرة التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني في غزة.

وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قالت الأمم المتحدة إن “الحرب في غزة أدت إلى ارتفاع عدد الضحايا بين العاملين في المجال الإنساني، حيث قُتل ما لا يقل عن 333 من العاملين في المجال الإنساني منذ 7 أكتوبر 2023”.

وفقًا لأحدث إدخال في قاعدة بيانات أمن العاملين في مجال الإغاثة، “قُتل 10 موظفين محليين في غزة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني لوحده.

وأشار المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه إلى أن “الغالبية العظمى من الضحايا هم من الموظفين الوطنيين العاملين لدى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وحركة الهلال الأحمر والصليب الأحمر، حيث قُتل 268 موظفًا محليًا و13 موظفًا دوليًا”.

وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أمس الثلاثاء، إن “258 من موظفي الوكالة قتلوا في غزة منذ بداية الحرب”، وأضاف أن الوكالة سجلت “نحو 650 حادثة ضد مباني ومرافق الوكالة وما لا يقل عن 745 شخصا قتلوا في ملاجئها أثناء سعيهم للحصول على حماية الأمم المتحدة”

وفي خضم الأزمة المتصاعدة، صوتت الولايات المتحدة وعدة دول أخرى في السادس والعشرين من يناير/كانون الثاني على تعليق التمويل للأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وفي 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، صوت الكنيست الإسرائيلي على قرار ينص على “منع وكالة الأونروا من أن يكون لها أي تمثيل وأن توقف خدماتها وألا تقوم بأي نشاط بصورة مباشرة أو غير مباشرة” داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وعلقت وكالة الأونروا على القرار الإسرائيلي بأن خطورته تتجاوز منع وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للنازحين في غزة، وتمتد لانهيار المنظومة التعليمية والصحية التي تتكفل بها الوكالة لصالح الملايين من الفلسطينيين.

ووصف الأمين العام أنطونيو غوتيريش عمل الأونروا بأنه “لا غنى عنه” وقال إنه “لا يوجد بديل” للوكالة.

وقال إن “تنفيذ القوانين يمكن أن يكون له عواقب مدمرة على اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول”، وحث إسرائيل على “التصرف بما يتفق مع التزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والتزاماتها الأخرى بموجب القانون الدولي”.

بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن الأونروا كانت “شريان حياة لا يمكن تعويضه” للشعب الفلسطيني على مدى العقود السبعة الماضية.

ورفضت السلطة الفلسطينية التشريع الإسرائيلي وأدانته، كما نددت به كل من الصين وروسيا وبريطانيا والأردن وإيرلندا والنرويج وسولوفينيا وإسبانيا وأستراليا وبلجيكا وسويسرا.

وحثت هذه البلدان إسرائيل على “السماح للأونروا بتنفيذ تفويضها الذي أمرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط”

وتم إنشاء الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من ديارهم أثناء بداية الاحتلال الإسرائيلي، وهي المنظمة الرئيسية التي تقدم الخدمات الإنسانية في غزة، وتدعم ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة ولبنان والأردن وسوريا.

معتقلوا غزة (رويترز)

اعتقالات تعسفية بحق الفلسطينيين في غزة

وتجدد التركيز على اتهامات الانتهاكات وإلحاق الأذى النفسي بالمعتقلين الفلسطينيين في السجون والمعسكرات الإسرائيلية.

ووفق تقرير لوكالة رويترز صدر أمس الثلاثاء، احتجزت إسرائيل عشرات الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب في غزة، بتهمة الانتماء إلى تنظيم غير قانوني، وأُفرج عن بعضهم دون توجيه اتهامات رسمية لهم أو إدانتهم بأي جرائم.

وفي أغسطس/ آب، نشر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تحقيقا وصف فيه تقارير موثقة عن انتشار “التعذيب والاعتداء الجنسي والاغتصاب، وسط ظروف وحشية غير آدمية” في السجون منذ اندلاع الحرب.

وقد زاد عدد السجناء الفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية أثناء الحرب إلى الضعف على الأقل ليبلغ أكثر من 10 آلاف، وفقا لتقديرات اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، استنادا إلى وثائق قضائية وبيانات حصلت عليها عبر طلبات الحق في الوصول للمعلومات، وفق رويترز.

وقال الجيش الإسرائيلي ردا على استفسار من رويترز إن نحو 6000 من سكان غزة اعتقلوا خلال الحرب.

وصرح فادي أيمن محمد راضي (21 عاما) وهو طالب هندسة سابق من خان يونس بغزة، لرويتز بأنه كان “واحدا من بين نحو 24 فلسطينيا أُفرج عنهم عند معبر كرم أبو سالم إلى غزة في 20 أغسطس/ آب”.

ووصف راضي معاناته “لتمديد أطرافه بعد أن جرى تكبيله وتقييده بالسلاسل لمدة أربعة أشهر في معتقل سدي تيمان العسكري الإسرائيلي”، وهو منشأة مؤقتة لفرز السجناء.

الأمم المتحدة: هناك أدلة كافية على ارتكاب إسرائيل أفعال إبادة جماعية في غزة (وكالات)

أفعال ترقى إلى جريمة إبادة جماعية

في 24 من مارس 2024، اعتبرت الأمم المتحدة أن هنالك أدلة كافية للقول إن إسرائيل ترتكب أفعال إبادة جماعية في غزة.

وأوضحت المنظمة أن إسرائيل “ارتكبت ثلاثة أفعال إبادة جماعية تتمثل في التسبب في أضرار جسدية أو عقلية خطيرة للغاية للفلسطينيين في غزة، وفرض ظروف معيشية متعمدة عليهم بهدف تدميرهم المادي كليًا أو جزئيًا، وفرض تدابير تهدف إلى القضاء على أشكال الحياة بالقطاع”.

واعتبرت أن الإبادة الجماعية في غزة “قد بلغت المرحلة الأكثر تطرفًا في عملية استعمارية استيطانية طويلة الأمد لمحو الفلسطينيين الأصليين”.

وفي 5 من ديسمبر/كانون الأول 2024، خلص تحقيق لمنظمة العفو الدولية إلى أن إسرائيل تحقق نيتها في ارتكاب الإبادة الجماعية، حيث “قضت على أسر متعددة الأجيال بأكملها، وتسببت في تدمير غير مسبوق لمدن بأكملها وتدمير البنية التحتية الحيوية والأراضي الزراعية والمواقع الثقافية والدينية، وجعل مساحات كبيرة من غزة غير صالحة للسكن”.

وقال محمد، الذي فر مع عائلته من مدينة غزة إلى رفح في مارس/آذار 2024 ونزح مرة أخرى في مايو/أيار 2024، للمنظمة إنه “يكافح من أجل البقاء في ظروف مروعة ويشعر أنه دون البشر”، وأضاف أنه “في دير البلح، الأمر أشبه بنهاية العالم”، وأنه “عليه أن يحمي أطفاله من الحشرات، ومن الحرارة، ولا توجد مياه نظيفة، ولا مراحيض، وكل هذا في حين لا يتوقف القصف أبدا”.

ووجدت العفو الدولية أن إسرائيل “فرضت ظروفا معيشية في غزة خلقت مزيجا مميتاً من سوء التغذية والجوع والأمراض، وعرضت الفلسطينيين لموت بطيء مدروس”. وأضافت أن إسرائيل “أخضعت مئات الفلسطينيين من غزة للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والتعذيب وغير ذلك من ضروب سوء المعاملة”.

وفي 19 من ديسمبر/كانون الأول 2024، أكد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن الجيش الإسرائيلي “تعمد نهج سياسة تدميرية، تعتبر كجزء من القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين في غزة، وتعني أن إسرائيل ارتكبت جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة، والتي لا تزال مستمرة”.

ووجدت رايتس ووتش أن المنهجية الإسرائيلية المتبعة في غزة ترقى إلى أفعال الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. واستنتجت المنظمة نية الإبادة الجماعية أيضا من تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين دعوا بشكل مباشر لتدمير الفلسطينيين في غزة.

جتوب أفريقيا رفعت قضية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة (رويترز)

قضية إبادة جماعية ومذكرات اعتقال في انتظار الحكم والتنفيذ

رفعت حكومة جنوب أفريقيا، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، قضية ضد إسرائيل تتهمها فيها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة.

واستندت بريتوريا في دعواها خصوصا على الأدلة بقتل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين بأعداد كبيرة وتدمير منازلهم وطردهم وتشريدهم، إضافة إلى فرض الحصار على الغذاء والماء والمساعدات الطبية في القطاع، وتدمير المرفقات الصحية الأساسية.

لكن إسرائيل وصفت دعوى جنوب أفريقيا بالسخيفة واعتبرتها “افتراء”، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو  إن تهمة الإبادة الجماعية الموجهة لإسرائيل في محكمة العدل الدولية مشينة وعبارة عن تمييز ضدها.

وفي 26 يناير/كانون الثاني 2024، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها لمنع الأعمال التي يمكن أن تندرج تحت اتفاقية الإبادة الجماعية.

وفي مايو/أيار الماضي، أصدرت المحكمة الدولية أمرا إلزاميا بوقف العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوبي القطاع، لكن إسرائيل رفضت الامتثال للقرار.

وعلق موقع موندويس الأميركي على مسار القضية، أمس الثلاثاء، بأنها “لم توقف اعتداءات إسرائيل على حياة الفلسطينيين في غزة بأي شكل من الأشكال”، وتابع أن إسرائيل “استمرت في الأفعال المنسوبة لها دون هوادة بدعم معنوي ومادي من القوى العالمية الكبرى وخاصة الولايات المتحدة، مما يثير التساؤل حول الفائدة من هذه القضية بالنسبة لحركة التضامن مع فلسطين على مستوى العالم، ما دام تأثيرها على الفلسطينيين في غزة ضئيلا للغاية، وأهوالها متواصلة أمام أعين العالم.”

من جهة أخرى، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت من إسرائيل.

وأشادت حينها منظمة “هيومن رايتس ووتش” بقرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية واعتبرت أنه يستحق الدعم الدولي.

خبراء الأمم المتحدة: إسرائيل يجب أن تعاقب جراء إلحاق المعاناة بالمدنيين في غزة (رويترز)

تنديدات أممية ودعوات إنسانية لوقف الحرب

لم تتوقف تنديدات منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والحقوقية الأخرى بأعمال إسرائيل منذ اندلاع الحرب في غزة.

وطالب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتريتش، إسرائيل مرارا بوقف أعمالها العدائية في حق الفلسطينيين في غزة، وحث على الوقف الفوري لإطلاق النار.

وجدد خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة الاثنين قولهم إن إسرائيل يجب أن تواجه عواقب “إلحاق أقصى قدر من المعاناة” بالمدنيين الفلسطينيين في غزة، مؤكدين أن إسرائيل تتحدى القانون الدولي وتحظى بحماية حلفائها.

وشدد الخبراء الأحد عشر في بيان مشترك على أن “القانون الإنساني الدولي يتضمن مجموعة من القواعد العالمية والملزمة لحماية الأهداف المدنية والأشخاص الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة بشكل مباشر في الأعمال العدائية، ويضع حدودا للوسائل والأساليب المسموح بها في الحرب”.

وقالت منظمة العفو الدولية إنه “يتعين على الحكومات أن تتوقف عن التظاهر بأنها عاجزة عن إنهاء هذه الإبادة الجماعية، والتي أصبحت ممكنة بفضل عقود من الإفلات من العقاب على انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي”.

وأضافت أنه “يتعين على الدول أن تتجاوز مجرد التعبير عن الأسف أو الانزعاج وأن تتخذ إجراءات دولية قوية ومستدامة، مهما كان الحكم بالإبادة الجماعية غير مريح لبعض حلفاء إسرائيل”.

بدورها ومنذ بداية الحرب، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى الحكومات “باتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية في غزة، بما في ذلك وقف المساعدات العسكرية، ومراجعة الاتفاقيات الثنائية والعلاقات الدبلوماسية، ودعم المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من جهود المساءلة”.

  • الأكـثر مشاهـدة
  • الـشائـع