“لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيَها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود”. المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
في الثالث من أيار/مايو، يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة كيوم لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، وهو يوم للتأمل بين الإعلاميين حول الصحافة وقضاياها، ويحتفى فيه بالصحفيين وإنجازاتهم، وما تحقق في سبيل حماية الصحافة والصحفيين، وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير.
ويعود تحديد تاريخ هذا اليوم إلى مؤتمر عقدته اليونسكو في ويندهوك في عام 1991. وكان المؤتمر قد عُقد في الثالث من أيار/مايو باعتماد إعلان ويندهوك التاريخي لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة. وهو من أجل الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها، ومن أجل تكريم شهداء حرية الصحافة والصحفيين الذين فقدوا أرواحهم في أداء واجباتهم.
ووفقًا لمرصد منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الخاص بالصحفيين القتلى، فقد وثق قتل أكثر من 1600 صحفيًا منذ عام 1993.
ومن أصل كل عشر حالات قتل للصحفيين، تبقى عشر حالات دون متابعة للقتلة.
ولا يقتصر استهداف الصحفيين على القتل والتنكيل في حال النزاعات، فإن أعداد من يتم اغتيالهم معنوياً على شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت في تزايد، حيث يتم اختراق حساباتهم وتعريضهم لمختلف أنواع الفبركة والتهديد بالاعتقال والتشهير، مما حفز العنف والتحرش ضدهم على الإنترنت، وشجع على الهجوم عليهم أثناء التغطيات الميدانية للاحتجاجات أو الوقائع العنيفة.
ويقف الصحفيون اليوم أمام تحديات جديدة مرتبطة بالتحول التكنولوجي والرقمي في عالم صناعة المحتوى، من بين هذه التحديات الرقمية المراقبة والعنف عبر الإنترنت، والحجب ومختلف الجرائم الإلكترونية، والتي تؤثر بشكل خاص على الصحفيات. فضلا عن انتشار الأخبار المضللة وخطاب الكراهية بسبب التدفق الهائل للمعلومات عبر التقنيات الرقمية، والدور الكبير لشركات الإنترنت في مدى انخراطها في حماية حرية التعبير وسلامة الصحفيين.
يضاف إلى ذلك تحديات مرتبطة بتوظيف القضاء ضد الصحفيين في قضايا مختلقة، حيث يحاكمون بأحكام ثقيلة تبعدهم عن ممارسة الصحافة لسنوات، وتغتال سيرتهم معنوياً وتجعلهم عبرة لغيرهم فيستنكفون عن الصحافة الحقة. بل إن هذه العوامل دفعت بعض من الصحفيين إلى نهج أسلوب رقابة ذاتية لتفادي الاستهداف، مما أضعف من أدائهم وخفض سقف الحرية في كشف الحقيقة، بسبب عدم توفر الحماية القانونية الكافية.
وقد بلغت حالات محاكمة الصحفيين وسَجنهم مستويات غير مسبوقة، وقد يتعرضون لهجمات بدنية.
واليوم يستمر نزيف المشهد الإعلامي، ويستمر استهداف الصحفيين وأسرهم سجناً وقتلا وتنكيلاً، وإذ كان هذا العام دامياً ومروعاً بالنسبة للصحفيين في المنطقة العربية وخاصة في غزة التي بات اليوم صحفيوها تحت تهديد يومي بالقصف والخطف والاحتجاز، ليس فقط كمدنيين بل يستهدفون أيضاً كصحفيين. وقد استشهد في غزة ما يزيد على 130 صحفياً في غارات إسرائيلية متفرقة على أنحاء القطاع، منهم اثنان من صحفي الجزيرة، وأصيب ما يزيد على 16 بعضهم إصاباته خطرة، وتم اعتقال ما يزيد عن 25 صحفياً. وفُقد ما يزيد على 4 صحفيين.
مع التذكير بالاغتيال الغادر لمراسلة شبكة الجزيرة شيرين أبو عاقلة قبل نحو سنتين على يد الجيش الإسرائيلي.
وإزاء ما يتعرض له الصحفيون بشكل مستمر من اعتداءات، طرحت الجزيرة، في وقت سابق، بالتعاون مع المعهد الدولي للصحافة وشركاء آخرين، مشروع الإعلان العالمي لحماية الصحفيين.
ويهدف الإعلان إلى تسليط الضوء على المبادئ الأساسية المتعلقة بحماية الصحفيين، مع مراعاة مسؤوليات مختلف الأطراف الفاعلة بما في ذلك: الدول ومؤسساتها، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، والمؤسسات الإعلامية، والصحفيون أنفسهم.
دعوة
على الدول بذل المزيد من الجهود من أجل حماية حرية الرأي والتعبير والحق في الحصول على المعلومات، وذلك بالرفع من المنظومات القانونية التي تحمي الصحفيين محلياً، وممارسة الضغوط دولياً من أجل توفير بيئة آمنة للعمل أمام الصحفيين في حال النزاعات، ليس فقط كمدنيين وإنما كممارسين لمهنة الصحافة.