كيف “تنتهك” مؤسسة غزة الإنسانية حقوق الإنسان في القطاع؟

نازح فلسطيني يحمل صندوقا من المساعدات عليه رمز "مؤسسة غزة الإنسانية" في 27 ماي/أيار (الفرنسية)
بعد فترة قصيرة من بدء توزيعها للمساعدات في غزة، تعرضت “مؤسسة غزة الإنسانية” لانتقادات متزايدة من منظمات حقوقية ودولية، اتهمتها بانتهاك المبادئ الإنسانية وتعزيز السيطرة الإسرائيلية على القطاع.
وتعتمد المؤسسة، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، على متعاقدين عسكريين وعلى مسلحين لتأمين توزيع المساعدات بغزة في نقاط تحددها إسرائيل، بحسب واشنطن بوست.
ونددت الأمم المتحدة بالمؤسسة بعد مقتل عشرات المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، معتبرة أن إسرائيل تستغل الغذاء سلاحا عبر هذا النظام. كما وصفت منظمة العفو الدولية المؤسسة بغير المشروعة وغير الإنسانية، ورفضت منظمات إغاثية التعاون معها. وفي تطور لافت، استقال المدير التنفيذي للمؤسسة، جيك وود، مؤكدا أن خططها لا تلتزم بمبادئ الحياد والنزاهة والاستقلالية.
ويجرم القانون الدولي الإنساني استخدام المجاعة سلاحا في النزاعات المسلحة ويعده جريمة حرب. كما تحظر اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية تعطيل الأعيان الضرورية لحياة المدنيين كالغذاء والماء، ويعاقب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على تجويع المدنيين ومعاملتهم بتمييز.
ومنذ مارس/ أيار الماضي، أدى الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، خصوصاً معبري رفح وكرم أبو سالم، إلى تراجع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل حاد وبانخفاض يتجاوز 85% من نسبة المساعدات المصرح لها بالدخول للقطاع، وهو ما فاقم من أزمة الجوع وساهم في ارتفاع معدلات سوء التغذية، مما وضع أكثر من مليوني فلسطيني في مواجهة كارثة إنسانية متفاقمة.
في السياق، اتهمت منظمات أممية ودولية مؤسسة غزة الإنسانية بتقويض شبكات توزيع المساعدات وانتهاك المبادئ الإنسانية. ورأت العفو الدولية أن خبراء الإغاثة وحدهم من ينبغي لهم أن يتولوا تنسيق الدعم الضروري لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون الجوع.
كما رأى مسؤولون أمميون أن المؤسسة تحصر المساعدات في مناطق محددة وتستخدمها كورقة ضغط سياسي، وأكد الصليب الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي أن المساعدات الحالية أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية، ودعوَا للسماح بتوزيعها مباشرة للعائلات لمنع تفاقم المجاعة.
من جهة أخرى، قالت منظمات حقوقية ودولية إن مؤسسة غزة الإنسانية مشروع تقوده شخصيات أمنية وعسكرية أميركية بالتنسيق مع إسرائيل، دون أي مشاركة فلسطينية. وأوضح بيان مشترك لهذه المنظمات، ومن بينها “حركة من أجل الإنسانية” والجمعية الخيرية البريطانية من أجل الفلسطينيين، أن اعتمادها على مقاولين مسلحين ونقاط تفتيش إسرائيلية ينتهك مبادئ الحياد والاستقلالية وينافي المعايير الإنسانية الدولية.
وبخصوص تهجير الفلسطينيين، حذرت الأمم المتحدة من أن خطة مؤسسة غزة الإنسانية قد تجعل المساعدات أداة لمزيد من النزوح القسري، حيث تقتصر نقاط التوزيع على جنوب ووسط غزة، مما قد يدفع سكان الشمال للنزوح جنوبا بحثا عن الغذاء.
وواجهت المؤسسة امتناعا شبه كامل عن التعاون من طرف المنظمات الإنسانية والإغاثية، إذ اتهمتها بتمكين إسرائيل من التحكم في المساعدات وحصرها في الجنوب. ورأت جهات خيرية رئيسية أن في التعاون مع المؤسسة مخاطرة بالمبادئ الإنسانية وقد ينجم عنه تورط في انتهاكات خطيرة، بينما سحبت شركات استشارات وكيانات خيرية أميركية دعمها بسبب المخاوف الأخلاقية والقانونية.
وفي خضم الجدل حول مؤسسة غزة الإنسانية، دعت تلك المنظمات الحقوقية إلى وقف إسرائيل جميع الأساليب غير الإنسانية لتوزيع المساعدات، مشددة على ضرورة السماح بوصول إنساني كامل وغير مشروط للقطاع. وحذرت هذه المنظمات من نموذج المؤسسة القائم على “تسييس الإغاثة” في ظل تصاعد المجاعة واستمرار الحرب وارتفاع عدد الضحايا المدنيين.
- الأكـثر مشاهـدة
- الـشائـع